فقد أشار كثير من المفسرين والفقهاء إلى أن مناسبة هذه الآية كانت حجة الوداع وأن الأمر الصادر للرسول كي يبلغه للأمة كان يتعلق بمستقبل الدعوة من بعده..
يروي البخاري عن عائشة قالت: من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب والله يقول (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) (2) والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا تقول عائشة هذا الكلام..؟
لا شك أن هناك مناسبة ما اضطرتها إلى قولها هذا..
ويبدو أن هناك من أكثر القول حول هذه الآية وأن هناك شيئا ما له أهميته نزلت به الآية..
ولا يعقل بل لا يجوز أن يوجه الاتهام إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بكتمان ما أنزل الله.
فإن هذا الكتمان بكافة أحواله هو في صالح المنافقين والقبليين وأصحاب المصالح والأهواء. فما الذي يضطرهم إلى تكذيب الرسول واتهامه بالكتمان وهم يعلمون أن القرآن يتنزل على الرسول فاضحا لهم وكاشفا لنواياهم..
إذن الرسول لم يكتم شيئا وأبلغ الأمة ما أنزل إليه. لكن الكتمان جاء من أطراف أخرى. وهو ليس كتمانا لنصوص قرآنية بلا شك وإنما هو كتما لقول الرسول حول هذه النصوص ويبدو أن هناك اتجاه كان يؤمن بأن هذه الآية كانت تتعلق بوصية الرسول فيمن يخلفه من بعده. ولعل هذا يبرر قول عائشة الذي يشير إلى أن الآية لو كانت تشير إلى هذه القضية لبين الرسول ذلك وما كتمه.. وهو ما يبرر رواية عائشة الأخرى في البخاري التي تقول منكرة وصية الرسول لعلي: متى أوصى إليه..؟ فلقد أنخنث في حجري وما شعرت أنه مات. فمتى أوصى إليه..؟ (3) وإذا ما استعرضنا النصف الآخر للآية الذي يقول: وإن لم تفعل ما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) تبين لنا أن هناك أمر جلل بلغ للأمة أوجب