ولكن إذا صح هذا الاستنتاج فلماذا قدم أبو بكر عليه؟..
إن محاولة الربط بين أبي بكر وعمر إنما هي من صنع السياسة. فالمتأمل في الأحداث التي وقعت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، يكتشف أن كليهما لم يكن له ما يميزه عن الصحابة. ولو كان الأمر كذلك لما حدث الصدام معهما في سقيفة بني ساعدة (2).
وحتى إن أبا بكر أعلن أمام الناس حين ولي الخلافة قوله: وليت عليكم ولست بخيركم (3) وكانت ممارسات عمر ومواقفه في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد وفاته قد ولدت جبهة معادية له حتى أن البعض عاتب أبا بكر حين وصى له بالخلافة من بعده وقالوا: أتولي علينا فظا غليظ القلب (4)..
والذي يستريح إليه العقل أن مشروعية كل منهما تعتمد على الآخر. ولولا اتحادهما سويا ما كان من الممكن أن يسود على المسلمين. هذا مع ملاحظة أن شخصيتي أبي بكر وعمر أكثر الشخصيات ملائمة لتبنى عليهما مشروعية بني أمية (5)..
وحتى تتضح لنا الصورة أكثر سوف نعرض لبعض الروايات الخاصة بعمر..
يروي البخاري عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأيتني دخلت الجنة. فإذا أنا بالرميضاء امرأة أبي طلحة. وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال. ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا؟
فقال: لعمر. فأردت أن أدخله فأنظر إليه. فذكرت غيرتك..
فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله. أعليك أغار (6)..
إن الحقيقة التي تتجلى إمام كل ذي عقل عند قراءته هذه الرواية هي أن عمر أعلى مرتبة من الرسول. إذ حصل على مكان في الجنة دهش الرسول لرؤيته وبهر به حتى أنه أراد أن يدخله فخاف من غيرة عمر..
هل يجوز مثل هذا الكلام في حق الرسول؟..
ألا يعني هذا أن ما حصل عليه عمر في الجنة يفوق نصيب الرسول؟..
ثم هل هناك غيرة في الآخرة؟..
ولنترك هذا الحديث إلى حديث آخر يرويه البخاري أيضا: قال