مما تدعونا إليه مريب * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير * ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) (39).
لقد بدأ حديثه ودعوته بقوله: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) وفي هذا تحطيم للأرباب والآلهة التي اتخذوها من دون الله. ومنهج صالح عليه السلام في هذا لا يتبدل ولا يتغير، ثم ذكرهم بعد ذلك بنشأتهم من الأرض.
وبين لهم أن الله الذي أنشأهم من الأرض استخلفهم فيها، وعلى هذا فإنهم لا يفتقرون في وجودهم وبقائهم إلا إليه تعالى. لأنه تعالى هو الذي أنشأ وهو الذي استخلف، وبما أنه تعالى هو الذي يجب عليهم أن يعبدوه ويتركوا غيره، لأنه تعالى خالقهم والمدبر لأمر حياتهم، فيجب عليهم أن يسألوه أن يغفر لهم معصيتهم التي اقترفوها بعبادة غيره وأن يرجعوا إليه بالإيمان به وعبادته إنه تعالى قريب مجيب.
هذا معنى ما قاله صالح عليه السلام. فماذا قال له رؤوس القوم الذين يحافظون على الانحراف؟ (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا) والمعنى: أن ثمود كانت ترجو منك أن تكون من أفرادها الصالحين. تنفع بخدماتك مجتمعهم.. لما كانت تشاهد فيك من أمارات الرشد والكمال (40) كنا نرجوك في عقلك (41) ولكن هذا الرجاء قد خاب (42) لقد يئسوا منك، وسبب يأسهم منك اليوم أنك تنهاهم من إقامة سنة من سنن دولتهم، وتمحو أظهر مظاهر قوميتهم (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) كيف وإن اتخاذ الأوثان من سنن هذا المجتمع المقدسة، واستمرار إقامة السنن المقدسة من المجتمع دليل على أنهم ذوو أصل عريق ثابت. ووحدة قومية لها استقامة في الرأي والإرادة (43) ويقول