الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩
* الأوائل والطوفان أعلام تحقير الإنسان مقدمة:
روي أن بين آدم وبين نوح عليهما السلام عشرة قرون، واختلفوا هل المراد بالقرن مائة سنة، أم المراد بالقرن الجيل من الناس، كما في قوله تعالى: (ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) (1) وبالجملة أن نوحا عليه السلام بعثه الله تعالى عندما شرع الناس في الضلالة والكفر وعبدوا الأصنام والطواغيت. وفي عصر نوح الذي بعث فيه نوح كان قومه قد ابتعدوا عن دين التوحيد وعن سنة العدل الاجتماعي. فاستعلى القوي على الضعيف، وصار الأقوياء بالأموال والأولاد يستبيحون حقوق من دونهم الذين لا يحملون إلا ألقاب المهانة، ولا قيمة لهم في المجتمع. كانت دائرة الأقوياء تضم السادة والأشراف وباقي الطبقة المترفة، وكانت دائرة الضعفاء تضم الأراذل والأخساء ومن لاحظ له من مال أو مكانة.
وأصحاب هذه الدائرة، كان الملأ الأقوياء ينظرون إليهم على أنهم جنس آدمي منخفض لا بد أن يعمل لينتفع المثل الأعلى الآدمي المرتفع - والذين تمثله دائرة الأقوياء - من عمله وكده.
وعلى امتداد طريق الانحراف قامت ثقافة المترفين بغرس الخرافات في

(1) سورة آل عمران، الآية: 33.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 27 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست