بالصراط المستقيم وفقهه وبأنبياء الله ورسله، وتمرغوا لأصنامهم ولأهوائهم في التراب، بعد أن كبر عليهم أن يصبحوا من رعايا الصراط المستقيم تحت قيادة صالح عليه السلام، الذي كان في منتهى الحزن من أجلهم لأنهم قومه وقبيلته وعشيرته، ولو أطاعوا ربهم لأصبحوا أحباءه. وبعد المفاصلة بين الإيمان والكفر، بدأ أسلوب العصي الغليظة، وفي عالم العصي الغليظة تصبح الرحمة شذوذا. وبدأ أسلوب التشهير والتجريح والتحقير، وتحت ثقافة من هذا النوع تفقد الإنسانية إنسانيتها! لأنها فقدت غايتها، وبدأ فريق الاستكبار يقوم بتوسيع دائرة تشكيكه. ولم يجد هذا الفريق ورقة يلعب بها غير ورقة التشاؤم، فأظهروا ضيقهم بصالح وبالذين معه، تحت عنوان أنهم يرونهم شؤما عليهم، ويتوقعون الشر من ورائهم. يقول تعالى: (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال يقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون) (50) يقول المفسرون:
لقد طرح صالح عليه السلام دعوته في حقيقة واحدة (أن اعبدوا الله) فكانت النتيجة ظهور فريقان. فريق مؤمن وفريق كافر (51) فأما الفريق الكافر فلقد استثمر مشاكله التي جاءت نتيجة لأفعاله في الصد عن سبيل الله، وذلك عندما دعاهم صالح عليه السلام بأن يستغفروا الله لعله سبحانه أن يرحمهم. فقالوا له:
(اطيرنا بك وبمن معك) (أي ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرا) لقد تشاءمنا بك وبمن معك ممن آمن بك، وبما أن قيامك بالدعوة وإيمانهم بك، قارن ما ابتلينا به من المحن والبلايا! فلن نؤمن بك ولن نستغفر (52)!
إنهم يشككون في صالح وأتباعه مستغلين أوضاعهم الاقتصادية في هذا التشكيك. أي يستثمرون مشاكلهم في الصد عن سبيل الله، طامعين أن يعود عليهم هذا الاستثمار بالنصر المظفر على صالح عليه السلام والذين آمنوا معه (ألا بعدا لثمود) إن منطق التشكيك باستثمار المشاكل منطق غير سليم لأنه