الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٠٢
ثم تلاها من الصخرة سقب لها (ولد الناقة) مثلها في الوصف (35) وفي رواية ابن كثير " ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا " (36).
لقد خرجت الناقة بمشيئة الله، أوجدها سبحانه كخلق آدم وحواء من غير أب ولا أم.. أوجدها تعالى تأييدا لصالح وتصديقا لدعوته، وآية من مبرئ الأكوان وموجد الزمان والمكان، لتدل على وحدانيته سبحانه، وعندما خرجت الناقة وولدها من الصخرة آمن خلق كثير (37) وقال صالح عليه السلام: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) (38).
قال المفسرون: دعاهم أولا أن يعبدوا الله، وكانوا مشركين يعبدون الأصنام، وأخبرهم أنه قد جاءتهم من ربهم شاهد قاطع في شهادته، وهي الناقة التي أخرجها الله لهم من الصخرة. آية لنبوته بدعائه عليه السلام لربه، ثم أمرهم أن يتركوها تأكل من أرض الله، وحذرهم أن يمنعوها أو يمسوها بسوء كالعقر والنحر، فإن وبال ذلك عذاب أليم يأخذهم، ثم دعاهم إلى أن يوجهوا طاقاتهم التوجيه الصحيح، بأن يذكروا نعم الله عليهم، وذكرهم أن الله تعالى جعلهم خلفاء يخلفون أمما من قبلهم كعاد، وأن الله تعالى هو الذي مكنهم في منازلهم وكما أنه هو الذي أخرج لهم الناقة من بطن الصخرة فإنه تعالى هو الذي أعطاهم القوة ليتخذوا من السهول قصورا وينحتون من الجبال بيوتا. وهذا يدعوهم إلى ذكر آلاء الله فيهم، ولا يعثوا في الأرض مفسدين كان هذا توجيه صالح عليه السلام لهم، بعد أن أخرج الله الناقة من الصخرة الصماء، بين دهشة القوم، وتهليل وتكبير صالح عليه السلام والذين آمنوا معه.

(35) مروج الذهب: 47 / 2.
(36) ابن كثير: 228 / 2.
(37) مروج الذهب: 47 / 2، ابن كثير: 228 / 2.
(38) سورة الأعراف، الآيتان 73 - 74.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست