الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٠٣
* 5 - مواجهات بين الحق والباطل:
بعد معجزة الناقة آمن الناس، وتوارى بعض من الملأ الذين أصروا على الاستكبار وراء جدر النفاق أو جدر الصخر. بعد أن كبر عليهم أن يصبحوا من رعايا الصراط المستقيم وتحت قيادة صالح عليه السلام الذي يصغرهم في السن ولا يمتلك ما يمتلكوه من مال وجموع، والاستكبار في كل زمان ومكان لا يرضى إلا بما يشبع نفسه الأمارة بالسوء وأهواءه التي استنقعت في الدنس، الاستكبار هو الاستكبار من يوم أن رفض الشيطان أن يسجد لآدم وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، كان الاستكبار في ثمود يتنفس برئة آباء معسكر الانحراف ولا يجد لنفسه وجودا إلا في هذا المعسكر، لذلك كان يعز عليهم أن يروا صالحا عليه السلام، وهو يحطم عقيدة وثقافة خيام الشذوذ والانحراف. ولأن حياتهم فيما يحطمه صالح عليه السلام، فإنهم خاضوا العديد من المواجهات معه، منها ما حمل لافتات الترغيب وعرض المناصب القيادية، ومنها ما حمل لافتات التحقير والتشاؤم من الذين آمنوا، ومنها ما حمل الخناجر والسيوف لقتل صالح وقتل الناقة، وكان لكل لافتة زمان ورجال، فالزمن الذي عاصر معجزة الناقة أو سمع عنها كان المستكبرون يرفعون لافتة الصد المناسبة له، والزمن الذي لم ير ولكنه سمع كان له لافتة تناسبه، وفي جميع الأزمنة لم تخل الدائرة حول صالح عليه السلام من المؤمنين به وبرسالته.
1 - الترغيب بدائرة الضوء:
بعد أن امتص المجتمع معجزة الناقة، رأى جبابرة ثمود أن وجود المستضعفين حول صالح عليه السلام فيه خطر عليهم، فعلموا من أجل امتصاص الدعوة، بمعنى أن يدخلوها تحت عباءاتهم حتى إذا خرجت لا تحطم طرقهم، وكان سبيلهم من أجل تحقيق ذلك هو التلويح بالمنصب الرفيع في ثمود لصالح إذا ترك آلهتهم وشأنها، وقد رويت أحاديث عديدة في محاولات ثمود هذه. وفي كتاب الله تعالى إشارات تدل على عمليات التلويح بالمنصب. يقول تعالى:
(وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب * قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست