الانحراف ومديري أجهزة الصد عن سبيل الله، ومن هذه الفئات جميعا تكون حزبين، أو فريقين: فريق مؤمن، وفريق استحب العمى على الهدى، وقام الفريق الثاني فريق الكفر باقتحام الساحة بشذوذه معلنا حملات التشكيك في رسالة صالح عليه السلام والناقة أمام عيونهم في الطرقات.
وبدأ معسكر الباطل في العدوان يقول تعالى في تحركهم: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه؟ قالوا: إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون) (48).
لقد وقف الاستكبار أمام رقعة الاستضعاف. ووجه حديثه إلى الذين آمنوا بصالح. كي تصل رسالة الاستكبار بطريق غير مباشر إلى جموع المستضعفين في ثمود، وكانوا في الغالب الأعم يلجأون إلى صالح ويسمعون منه، ولقد دل سبحانه بيان قوله: (للذين استضعفوا) بقوله: (لمن آمن منهم) على أن المستضعفين هم المؤمنون، وأن المؤمنين إنما كانوا من المستضعفين، ولم يكن يؤمن به أحد من المستكبرين (49) فأمام رقعة الاستضعاف وقف الذين استكبروا وطرحوا على المستضعفين سؤالا (أتعلمون أن صالحا مرسلا من ربه؟) إنه سؤال التشكيك بعد أن طال الأمد إلى حد ما وأصبحت معجزة الناقة تخضع للتراث، إن شاؤوا أضافوا إليه أساطير التشويه، وإن شاؤوا تركوه على حاله ولتفعل الأموال ما تريد فإن لم يكن فالسياط، وأمام السؤال كان الجواب (قالوا: إنا بما أرسل به مؤمنون) إنه جواب الثقة بالنفس. جواب من لا يخاف التهديد والتخويف. لقد أعلنوا الإيمان بما أرسل به، وما أرسل به لا يخضع لأساطير التشويه لأنهم على يقين من أمرهم. ولا يهتز أمام السخرية والاستنكار، لأنه راسخ في أعماق الفطرة وأعماق الوجود، ولا يخاف من سياسات التجويع والتخويف، لأن من عرف الحق لا يجوع ومن تمسك بالصبر لا يخاف. وأمام هذا المشهد ألقى الاستكبار بورقته التي تحمل شهوة الملك (قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون) لم تعد القضية قضية الناقة، لقد كفروا