الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٩
عليك الخير والشر. لا تدري أيهما تركب (3) ومن الخطأ الشائع أن تاريخ الإسلام هو نفسه تاريخ المسلمين. ولهذا ظن العديد من الباحثين أن نقد تاريخ المسلمون هو نقد لتاريخ الإسلام. ونحن نقول: أن تاريخ الإسلام في الرسالة الخاتمة هو حركة الرسول ودعوته. وهذا التاريخ امتداد طبيعي لتاريخ الدعوة منذ عهد نوح وآل إبراهيم وآل عمران عليهم السلام. تاريخ الإسلام هو نفسه تاريخ الفطرة النقية التي لم تحيد عن الصراط المستقيم. وعلى امتداد هذا التاريخ لا تجد إلا نصر الله قال تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) (4) وتاريخ الإسلام فيه الابتلاء والصبر والنصر. قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله. ألا إن نصر الله قريب) (5) فتاريخ الإسلام تقام فيه الحجج على الذين كفروا. وتكافح فيه الفطرة النقية معسكر الانحراف. أما تاريخ المسلمين فهو يتعلق بحركة المسلمين فما كان منه منطبقا مع آيات الكتاب وحركة الرسول فهو من تاريخ الإسلام. أما ما خرج منه من دوائر الحقد والحسد والاستكبار فلا علاقة للإسلام به. ويبحث عن أصوله في فقه الإغواء والتزيين. تماما كبني إسرائيل. فهم عندما ساروا مع موسى عليه السلام في اتجاه البحر وعبروا معه. كانوا يدونون بذلك تاريخ الإسلام، وعندما عبدوا العجل وأرجلهم لم تجف بعد من ماء البحر، كانوا يدونوا تاريخ بني إسرائيل ولا علاقة للإسلام بهذا التاريخ. لذا نجد هارون عليه السلام يقول لموسى عليه السلام عندما سأله عن هذا الانحراف وعاتبه: (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) (6) لقد وضعهم في دائرة حركتهم التي تحمل العنوان الذي اشتهروا به بين الأمم " بني إسرائيل ". ولم يضعهم في دائرة الإسلام. وكان موسى عليه السلام قد قال لهم وهم تحت المظلة الفرعونية (يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) (7) إن حركة الفطرة ضد

(٣) أسد الغابة: ١ / 468.
(4) سورة غافر، الآية: 51.
(5) سورة البقرة، الآية: 214.
(6) سورة طه، الآية: 94.
(7) سورة يونس، الآية: 84.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 7 8 9 10 11 13 14 15 ... » »»
الفهرست