الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١٠٦
فطريقكم لا شئ فيه إلا التخسير. وبعد أن رفض عليه السلام أطروحاتهم، وضع قضية الناقة أمام عيونهم، لأن رفضه لمطالبهم سيترتب عليه صد عن السبيل وهذا الصد إذا اقترب من ناقة الله فستكون الكارثة بالنسبة لهم، فقال لهم:
(هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) (47) أخبرهم بوضوح شديد، أن الناقة تأكل في أرض الله محررة، وحذرهم أن يمسوها بسوء، بجرح، أو قتل أو حتى ضرب وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك أخذهم عذاب قريب معجل، وبرفضه عليه السلام لعرضهم احترقت ورقة الاستكبار التي رغب بها صالح عليه السلام للدخول في دائرة الضوء الثامودي.
2 - حملات التشكيك:
قبل ظهور معجزة الناقة آمن بصالح عليه السلام أصحاب القلوب الصافية والعقول السليمة، وهؤلاء في الغالب من المستضعفين. آمنوا بمجرد أن دعا صالح إلى الله تعالى، كما هو الحال مع سائر الأنبياء والرسل، أما رؤساء القوم وشيوخهم فكانوا في شك من نبوة صالح عليه السلام ورسالته وصدقه في كل ما يدعيه وبعد معجزة الناقة وخروجها من الصخرة حسب طلبهم وبعد اتفاقهم على ذلك، آمنت منهم جموع كثيرة، ودخلوا في دائرة الاستبصار. ولكن الحال لم يستمر على هذا طويلا. فظهور الناقة أمامهم يوم شربها أصبح عادة كما أن العديد منهم ضاق ذرعا بالناقة نظرا لأن دوابهم كانت تخاف منها وتفر من طريقها رغم أن الناقة لا تؤذيها. ومع طول الأمد بدأ الاغواء الشيطاني وإغواء النفس الأمارة بالسوء، وتحرك الاستكبار من وراء الجدر ومن داخل الساحات العامة، وتحرك الملحدين الجفاة الغلاظ، وجروا معهم ضعاف الإيمان وجماهير الغوغاء أهل الطيش الهمج الرعاع أتباع كل ناعق يعمل لهم رغيفا.
كان يعيش على أرض ثمود من رأى معجزة خروج الناقة وسمع الوصية بها، ومن لم ير خروجها ولكنه سمع عنه وعن الوصية، ومن آمن بصالح عليه السلام سواء رأى المعجزة أو لم يرها. وبالإضافة إلى هؤلاء كان على أرض ثمود عمالقة

(47) سورة هود، الآية: 64.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست