الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٩٦
أن أحد المنافقين وهو أبو عامر الراهب قد أمرهم ببناء هذا المسجد. وقد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح. فلما دخل النبي المدينة كان يشاغب عليه. وبعد أن فتح النبي مكة التجأ أبو عامر إلى الطائف. ولما أسلم أهل الطائف التحق ببلاد الشام وتنصر. وقد أرسل إلى المنافقين أن يتموا بناء المسجد ويجدوا في أمرهم. ووعدهم بأنه سيذهب إلى قيصر. ويحرضه على إرسال جيش قوي إلى المدينة للقضاء على محمد ومن معه من المسلمين. فكان المنافقون يتوقعون ذلك. ولكنه هلك قبل أن يتصل بملك الروم. ولما نزل الوحي على النبي.
وقص عليه حديث هذا المسجد أمر النبي بإحراقه وأن يتخذوه مكانا للأوساخ والنفايات.
لقد تظاهروا بالدين وتاجروا بالشعارات وبناء المساجد. لأغراض تخدم أعداء الدين. ويتخذون منها منطلقا للمؤامرة على الإسلام والمسلمين. فجهاز النفاق كان يعد العدة لاغتيال الرسول وهو في طريق العودة من تبوك. وفي نفس الوقت كان مسجدهم الضرار له مهمة أخرى في حال نجاة الرسول من القتل على طريق تبوك. لكنهم لم يربحوا هنا أو هناك. وفضحتهم بصماتهم هناك على صفحات التاريخ وفضحهم مسجدهم هنا حيث أصبح محلا للأوساخ والنفايات.
وفضح الله امتدادهم على مر الزمان. كما فضح الذين اتخذوا العجل من بعد موسى عليه السلام. فالذين اتخذوا العجل قال فيهم سبحانه: (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) (250) قال المفسرون: الإشراب هو السقي. والمراد بالعجل. حب العجل. وضع للمبالغة كأنهم قد أشربوا نفس العجل (251) لقد أشربوا العجل وناولوا كأسه لمن اتخذهم قدوة أو وقع هواه على هواهم أما الذين اتخذوا المسجد الضرار ففيهم يقول تعالى: (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم) (252) قال المفسرون: أي شكا ونفاقا بسبب إقدامهم على هذا الصنيع الشنيع. أورثهم نفاقا في قلوبهم كما

(250) سورة البقرة، الآية: 93.
(251) الميزان: 123 / 1.
(252) سورة التوبة، الآية: 110.
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست