الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٩٣
في صالح الذين كفروا بالإسلام ورسالته وذلك لأن المنافقين تربطهم بالذين كفروا أخوة الصد عن سبيل الله. وهذه الأخوة سجلها كتاب الله في قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم...) (244) لقد وضعهم الله تعالى في كتابه في خرمة واحدة مع الذين كفروا لأن أهدافهم واحدة. ولأن جرائم المنافقون في حق الفطرة عديدة فإننا نكتفي. بإلقاء الضوء على ما نرى أنه يفي بالغرض. وأول هذه الجرائم محاولة طابور النفاق اغتيال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولقد أفاضت كتب التفسير في وصف هذا الحدث. وقال بعض المفسرين في تفسير سورة التوبة أن اثنى عشر رجلا (245) وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند رجوعه وتبوك. فأخبر جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك. وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم. وعمار بن ياسر كان يقود دابة رسول الله. وحذيفة يسوقها. فقال لحذيفة: أضرب وجوه رواحلهم. فضربها حتى نحاهم. فلما نزل. قال رسول الله لحذيفة: من عرفت من القول؟ قال: لم أعرف منهم أحدا. فقال رسول الله (ص): إنه فلان وفلان حتى عدهم كلهم فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فنقتلهم؟ فقال: أكره أن تقول العرب: لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم.
وفي رواية "... وأمر رسول الله حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه. وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة وحذيفة يسوقها. فبينما هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوهم. فغضب رسول الله. وأمر حذيفة أن يراهم ويتعرف عليهم. فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها بالمحجن. وأبصر القوم وهم متلثمون فأرعبوا حين أبصروا حذيفة. وظنوا أن مكرهم قد ظهر فأسرعوا حتى خالطوا الناس. وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله. فلما أدركه قال: أضرب الناقة يا حذيفة وامش أنت يا عمار.
فأسرعوا وخرجوا من العقدة ينتظرون الناس. فقال النبي: يا حذيفة: هل عرفت

(244) سورة الحشر، الآية: 11.
(245) وفي رواية خمسة عشر رجلا.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست