الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٩٤
أحدا منهم؟ فقال: عرفت راحلة فلان وفلان. وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم متلثمون. فقال رسول الله: هل عرفت ما شأنهم. ما يريدون؟ قال: لا يا رسول الله قال: فإنهم فكروا أن يسيروا معي حتى إذا صرت في العقبة طرحوني فيها. فقال: أهلا ترأف بهم إذا جاءك الناس؟ قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولوا إن محمدا قتل أصحابه ثم سماهم بأسمائهم.
ومن المعلوم من سير الحوادث. أن المسألة إذا كانت تتعلق بكبار الصحابة. فلا ترد أسماؤهم صريحة فيها. ويأتي التعبير عنهم بفلان وفلان.
وكل مورد من هذا القبيل فهو يعني جماعة يخاف الراوي من التصريح بأسمائهم.
أما إذا لم يكن الحادث مع الكبار من الصحابة. فيأتي الاسم صريحا كما يبدو ذلك للمتتبع وسيأتي أمثلة ذلك فيما بعد وقصة المؤامرة في كتب التفسير بالمأثور وجوامع الحديث وذكر اليعقوبي في تاريخه بصورة مجملة وقال إن حذيفة كان يقول أنه يعرفهم بأسمائهم (246) وروي أن ثمانية منهم من قريش وأربعة من العرب. وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد أن عمار قال في الفريق الذي أراد اغتيال رسول الله: " أشهد أن الاثني عشر الباقين منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا " (247).
إن طابور النفاق الذي أعد خطة اغتيال رسول الله لم يكن ليقدم على مثل هذه الخطوة إلا بعد أن تأكد أن بين صفوفه العديد من الذين إذا قالوا استمع الناس لأقوالهم وإذا رآهم الناس أعجبتهم أجسامهم. فلو لم يكن الطابور على ثقة في كوادره وأنهم يتمتعون باللسان الطليق وبمقدرة على احتواء ما سيترتب عليه الحدث ما أقدموا على ذلك وخلاصة القول: لقد تحركوا لتنفيذ الجريمة من باب عدم الإيمان بالله والاستهزاء بآياته وانطلقوا في طريق الانحراف من أجل سد أبواب الطهارة عن الفطرة. ولكن الله تعالى ردهم ولم ينالوا شيئا. ووراء الجدران بدأوا يرتجفون خوفا من أن ينزل الله فيهم سورة تخبر المؤمنين بهم.
وأعدوا لهذا سيلا من الأعذار طمعا في النجاة. ووراء الجدر عاشوا حياة الظلام

(246) سيرة المصطفى / هاشم معروف: 633.
(247) مجمع الزوائد: 195 / 6.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست