الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٩٧
أشرب عابدوا العجل حبه (253) لقد أتموا البناء وحلفوا بالله ما أرادوا ببنائهم إلا خيرا ورفقا بالناس والله يشهد أنهم لكاذبون فيما قصدوا وفيما نووا (254) لهذا جعلهم الله عبرة لمن أراد الاعتبار ولكي يتدبر في أحداثهم أولئك الذين يقيمون المساجد لأغراض لا تمت إلى الدين بصلة من الصلات. ويعلموا أن البناء الذي يفرق بين المسلمين ويدس على الإسلام ما ليس منه ويستند على أكتاف أعداء الله. هو في حقيقة الأمر امتداد للبناء الأول والقائمون عليه شربوا من إناء سلفهم الأول وإن لم يروهم.
ومن جرائمهم أيضا في صدر الإسلام تثاقلهم عن الجهاد وانسحابهم من المعركة بلا سبب. وعند حركتهم أثناء القتال قال تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليهم بالظالمين) (255) قال المفسرون: الخبال: هو الفساد واضطراب الرأي.
والإيضاع: الاسراع في الشر والخلال: البين. والبغي: هو الطلب. فمعنى يبغونكم الفتنة: أي يطلبون لكم أو فيكم الفتنة. والفتنة هي المحنة واختلاف الكلمة. وقوله تعالى: (وفيكم سماعون لهم) أي فيكم مطيعون لهم ومستجيبون لحديثهم وكلامهم.. وقيل: فيكم سماعون لهم: أي عيون يسمعون لهم الخبار وينقلونها إليهم (256).
فخط الصد الذي يحمل اسم النفاق يعمل من أجل اختلاف الكلمة في أشد الأوقات ولقد عمل من أجل تفرق الجماعة في غزوة أحد حين رجع عبد الله بن أبي سلول بثلث القوم وخذل النبي. وتثاقلوا بعد ذلك في أكثر من غزوة وأرادوا بهذا الخذلان أن تأكل الحرب المسلمين ولم يكتف معسكر النفاق بانسحابه من المعارك بل استعان بخط ثان يتجسس لحسابه ويدعو إلى الخلاف والخذلان عن الجهاد. وعلى الرغم من اختراق النفاق لأكثر من ساحة. إلا أن الله رد كيدهم

(253) ابن كثير في التفسير: 391 / 2.
(254) ابن كثير في التفسير: 388 / 2.
(255) سورة التوبة، الآية: 47.
(256) ابن كثير في التفسير: 361 / 2.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست