الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٠٠
إلا الله تعالى. وآيات القرآن الكريم تصرح في أكثر من موضع بهذا العذاب الذي يحمله المستقبل. وذلك لعلم الله تعالى بما ستقترفه الأمة من آثام بعد تبليغ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم الدعوة. فالأمة التي انحرفت عن كتاب الله واتبعت أبناء الطمس شبرا بشبر وذراعا بذراع لا بد وأن يطول عذاب المنحرفين منهم قبل يوم القيامة ليكون لهم ذل في الدنيا. قال تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) (264) قال ابن كثير في التفسير: قال الحسن: عذاب في الدنيا وعذاب في القبر.. وقال قتادة: عذاب الدنيا وعذاب القبر. ثم يردون إلى عذاب عظيم. وذكر أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أسر إلى حذيفة بإثني عشر رجلا من المنافقين فقال: ستة منهم تكفيهم الدبيلة سراج من نار جهنم. يأخذ في كتف أحدهم حتى يفضي إلى صدره وستة يموتون موتا (265). والعذاب المدخر في بطن الغيب ورد أيضا في قوله تعالى: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) (266) قال المفسرون: أي لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ولو ذهبت أنت (267) وقيل: أي محالة سيقع بهم الذاب.
والدليل على أن عذاب الاستئصال مؤجل أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في آية من الآيات المدنية أن يصبر ولا يستعجل لهم. قال تعالى: (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) (268) قال المفسرون: لا تستعجل لهم حلول العقوبة. كقوله تعالى: (ذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا) (269) وقال تعالى لرسوله أيضا في آية مدنية أخرى:
(ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما

(264) سورة التوبة:، الآية: 101.
(265) تفسير ابن كثير: 385 / 2.
(266) سورة الزخرف، الآية: 41.
(267) ابن كثير: 128 / 4 وتفسير البغوي: 399 / 7.
(268) سورة الأحقاف، الآية: 35.
(269) تفسير ابن كثير: 172 / 4.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست