الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء على الرغم من أنهم لم يدخلوا في الإسلام.
ولقد قال لهم هذا ليجعلهم أحرارا في قبول العقيدة. وبعد هذا القول اطمأن المكيون على مصيرهم. فمنهم من أسلم وأخلص في إسلامه. ومنهم من وجد أن حياته لن تكون إلا بمهادنة الدعوة التي أقامت حجتها بالكلمة والسلاح. وجاء في شرح النهج عن. الواقدي. أن العباس بن عبد المطلب قال لأبي سفيان عند دخول النبي إلى مكة " إذهب فأدرك قومك قبل أن يدخل عليهم رسول الله.
فخرج أبو سفيان مسرعا حتى دخل من كداء وهو ينادي: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن. حتى انتهى إلى زوجته هند بنت عتبة.
فقالت: ما وراءك يا أبا سفيان؟ قال: هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد. وقد جعل لي أنه من دخل داري فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن. فقالت: قبحك الله من رسول قوم. وجعلت تقول.
ويحكم اقتلوا وافدكم قبحه الله من وافد قوم. وأبو سفيان يقول: ويحكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم. فإني رأيت من الرجال والكراع والسلاح ما ليس لأحد به طاقة. إن محمدا في عشرة آلاف مقاتل أسلموا تسلموا. وجاء في رواية المبرد في الكامل: أن هند أمسكت رأسه وقالت لهم اقتلوه. وذكر البعض أن كبار المنافقين كانوا وقتئذ في دار أبي سفيان. وقول النبي من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. كان ليعرفهم.
والخلاصة. فتحت طلائع النهار مكة ولم تسل فيها دما على الرغم من أنهار الدماء التي تسببت فيها قريش بعد هجرة النبي وكان فتح مكة مثلا في الرحمة والعفو والترفع عن الحقد والانتقام. مثلا شاخصا أمام العالم كله وأمام الأجيال في كل عصر وزمان وكان هذا العفو وهذه الرحمة دليلا على خسة النفاق وأهله.
ودعوة إلى طابور النفاق الذي دخل الإسلام خوفا أو طمعا. كي يصححوا نفوسهم بوضعها على الطريق الصحيح بعد أن شاهدوا وعلموا أن الإسلام لا يزرع خوفا وإنما يزرع حرية. وفي مجال هذه الحرية يختار الإنسان عقيدته على أن يمارسها بشروط الإسلام. لأن الإسلام دين الفطرة. ولا يسمح بثقافة تسير في طرقاته تبشر بغير ثقافة الفطرة. كان العفو والترفع عن الحقد والانتقام يوم فتح مكة دعوة