الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٨٣
وتحريم الربا والغش والاستغلال. هذا الاتجاه الذي كان من أبرز سمات الإسلام. لم يتفق مع أماني اليهود ورغباتهم ونواياهم السيئة التي كانوا يبيتونها لجميع الناس. لا سيما وقد لمسوا أن محمدا لا يخدع ولا يستسلم لضغط من الضغوط مهما كان نوعها. وإلا يمكن أن يستغل لصالح فريق على فريق. ووجدوا أن الإسلام يغزو النفوس ويسيطر على العقول ويسير في شبه الجزيرة بسرعة غير عادية بالرغم من ضراوة خصومه ومواقفهم المتصلبة في وجهه. فلم يعد لهم من سبيل حسب تقديرهم إلا أن يقفوا موقف الحذر الذي يستغل الفرصة للوقيعة بخصمه.. وعلى امتداد هذه المدة أسلم بعض أحبارهم وصدقوا في إسلامهم.
كما تظاهر فريق منهم بالإسلام وأبطنوا الكفر والنفاق. وبدأ أكثر اليهود يستغلون المناسبات لإثارة الفتن ويسألون النبي عن أشياء بقصد تعجيزه والسخرية منه أحيانا. كما بدأوا يعملون من أجل إحداث فجوات بين المسلمين أنفسهم وانضم إلى اليهود جماعة من المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام وأسروا النفاق (221) وبدأ الكيد اليهودي يتسع شيئا فشيئا. وزجوا بنصارى نجران في ساحة الفتن فراحوا يبشرون بعقيدة المسيح الإله. وكان اليهود يطمعون في إشعال نار الحرب بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين الملك الذين يقولون بعقيدة المسيح الإله أو المسيح ابن الإله. وعلى الرغم من أن الوحي كان يفضح سياسات اليهود. إلا أنهم كانوا يتمادون في طغيانهم. ونقضوا عهودهم ومواثيقهم التي أبرموها مع رسول الله و اصطفوا أمام الدعوة على خندق واحد. الأمر الذي جعل السيف ضرورة لإفساح الطرق أمام الكلمة الحق التي تقيم الحجة على الناس أجمعين.
وتحركت قوات الإسلام لرد الاعتداء ودكت حصون اليهود في بني قريظة وخيبر. وبني إسرائيل يعلمون أن القتال في سبيل الله إذا حدث. فهو ضرورة تحتمها الفطرة ولأنهم ضد الفطرة. كان لا بد من حملهم على الكف عن الصد. لأن عملهم يفتح الأبواب لضربات الكون و فناء البشر. ومن أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام. من حمل السلاح دفاعا عن الفطرة. وكتب بني إسرائيل تشهد بذلك.
والقرآن يذكر طرفا من هذا. يقول تعالى: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير

(221) سيرة المصطفى / هاشم معروف ط دار التعارف.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست