يوصي سراياه وعساكره بتقوى الله ويقول: " اغزوا باسم الله وفي سبيل الله.
قاتلوا من كفر بالله. ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيتم عدوكم فادعوهم إلى إحدى ثلاث. فإن أجابوكم إلى واحدة فاقبلوا منهم واكففوا عنهم:
أدعوهم إلى الدخول في الإسلام. فإن فعلوا فاقبلوا منهم واكففوا. ثم أدعوهم إلى التحول إلى دار المهاجرين. فإن فعلوا. فأخبروهم أن لهم. ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا فادعوهم إلى إعطاء الجزية. فإن فعلوا فاقبلوا منهم واكففوا عنهم. فإن أبوا فاستعينوا بالله وقاتلوهم " والرسول الاكرام صلى الله عليه وآله وسلم لم يبدأ معركة قط إلا بعد أن يقيم الحجة. ولم يبدأ بحرب قط من دائرة الاعتداء. وفي حربه مع قريش لم يلجأ إلى السلاح في بداية الأمر وإنما رد اعتدائهم بمحاربتهم اقتصاديا بعد الهجرة. فسد عليهم طرق التجارة. رجاء أن يفيئوا إلى أمر الله تعالى. لكن قريش تمادت في الاعتداء.
فكان في السيف دواء. كان السيف ضرورة لا بد منها. لإفساح الطريق أمام الكلمة التي تقيم الحجة على الناس.
وعندما أهلكت الحروب المتعاقبة قريش. اضطروا إلى المعاهدة على ترك القتال. وبعد توفيق معاهدة الحديبية بين المسلمين وقريش. وجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجالا لنشر الدعوة الإسلامية. فكتب إلى ملوك العرب والعجم والأساقفة وشيوخ القبائل يدعوهم إلى الله سبحانه. وبث عليه الصلاة والسلام الدعاة في اليمن والبحرين واليمامة وبلاد غسان. وأسلم جمع من العرب والعجم خلال هذه الهدنة. بعد أن علموا أن ما قالته قريش في محمد صلى الله عليه وآله وسلم للصد عن دعوته ما هو إلا كذب وبهتان وأن مرماه الشريف حقن الدماء وصلة الأرحام ودعوته هي توحيد الله الواحد القهار. وإذا كانت قريش هم أول من رفع السلاح للصد عن سبيل الله فإن اليهود بعد الهجرة لم تكن أيديهم بعيدة عن السلاح. فلقد قاموا بتوجيه معسكر الانحراف نحو السلاح وباركوا خطواته. وروت السيرة الشريفة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما دخل المدينة وأسلم أكثر الأوس والخزرج. تقبل اليهود فكرة المهادنة بينهم وبين المسلمين والتعاون المشترك لمصلحة الطرفين. وتعاهدوا مع النبي وكتب السيرة تحتوي على نصوص هذه المعاهدة التي وضعها النبي بينه وبين يهود المدينة وجوارها. ولكن اتجاه الإسلام وأهدافه التي تقوم على التآخي والعدالة والمساواة