الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٨٨
المشركين) (231) قال المفسرون: ومحاجتهم في إبراهيم عليه السلام. بضم كل طائفة إياه إلى نفسها. كأن تقول اليهود: إن إبراهيم عليه السلام الذي أثنى الله عليه في كتابه منا. فتقول النصارى: إن إبراهيم كان على الحق وقد ظهر الحق بظهور عيسى معه. ثم تتبدل المحاجة إلى اللجاج والعصبية. فتدعي اليهود أنه كان يهوديا وتدعي النصارى أنه كان نصرانيا. ومن المعلوم أن اليهودية والنصرانية إنما نشأتا جميعا بعد نزول التوراة والإنجيل. وقد نزلا جميعا بعد إبراهيم. فكيف يمكن أن يكون عليه السلام يهوديا. بمعنى المنتحل بالدين الذي يختص بموسى عليه السلام. أو نصرانيا بمعنى المتعبد بشريعة عيسى عليه السلام. فلو قيل في إبراهيم شئ لوجب أن يقال: إنه كان على الحق حنيفا من الباطل إلى الحق مسلما لله سبحانه.
والخلاصة 6 لقد تاجر الانحراف بالطهر والنقاء. فاليهود قالوا كان إبراهيم يهوديا. أما النصارى فنصرت إبراهيم. وقد جهلوا أن دين الله واحد. وهو الإسلام لله. واليهودية والنصرانية شعبتان من شعب كمال الإسلام الذي هو أصل والأنبياء عليهم السلام بمنزلة بناة هذا البنيان. لكل منهم موقعه فيما وضعه من الأساس ومما بنا عليه من هذا البنيان. لكل منهم موقعه فيما وضعه من جهلوا أنه لا يلزم من كون إبراهيم مؤسسا للإسلام. وهو الدين الأصيل الحق ثم ظهور دين حق باسم اليهودية أو النصرانية. هو اسم شعبة من شعب كمال ومراتب تمامه. أن يكون إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا. بل يكون مسلما حنيفا متلبسا باسم الإسلام. الذي أسسه وهو أصل اليهودية والنصرانية دون نفسهما.
والأصل لا تنتسب إلى فرعه. بل ينبغي أن يعطف الفرع عليه (232).
إن المتاجرة بورقة إبراهيم عليه السلام. كان الهدف منها الوقوف في وجه النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أعلن من يومه الأول أنه على خطى أبيه إبراهيم عليه السلام. لقد رفعوا الأوراق أمام العامة يقولون فيها أنهم الأحق بإبراهيم. وعندئذ قام القرآن بتعريتهم. كي يعلم الخاص والعام. أن المتاجرة

(231) سورة آل عمران، الآيات: 65 - 67.
(232) الميزان: 353 / 3.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست