الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٧٨
مستقلا خارجا عن زاوية الاهمال وحكم التبعية. والإسلام في تعاليمه لا ينتج إلا اجتماع قوي. لأنه يبدأ بتربية الأخلاق والغرائز في الفرد الذي هو أصل وجود المجتمع ونتيجة لذلك يكون المجتمع قادرا على قهر القوى الفردية المشتتة الأهواء حتى ولو اجتمعت تحت راية واحدة. والمجتع الإسلامي الذي يقوم على القرآن وسنة رسول الله ينطلق من قاعدته الأصلية التي شيدت على اتباع الحق وابتغاء الأجر والجزاء من الله. أما غيره من مجتمعات فيقوم على الأهواء ولا أجر ولا جزاء عند الأهواء إلا هباء ضائع في خلاء.
2 - الصد عن سبيل الله:
لم تكف أجهزة ومؤسسات الصد عن سبيل الله عن الكيد للدعوة الإسلامية بعد الهجرة. بل قامت هذه الأجهزة باستعمال أسلحة جديدة للقضاء على دعوة الحق. منها سلاح أهل الكتاب وسلاح النفاق. ولم تكف قريش يوما واحدا عن التحرش بأهل الإسلام من أجل جرهم إلى معركة حربية نظرا لما كانوا يعتقدون بأن المسلمين أمة جديدة لم يشتد ساعدها وعليهم ببتر هذا الساعد قبل أن يشتد ويطيح بخيام الانحراف التي تغذي الأهواء. وأسلحة الصد التي استخدمها معسكر الانحراف كثيرة نكتفي منها بثلاثة:
1 - الصد بالسلاح:
بعد الهجرة بدأت أجهزة الصد في مكة ترصد كل من قال الله ربي. فإذا أوقع في أيديهم إما أن يقتل وإما أن يخرجوه من الديار. كما بدأوا يتحرشون بأهل المدينة فتارة يقطعون طرقهم وتارة يبثون عليهم ما يفتن الناس في دينهم. وبعد أن قطع جبابرة الظلام شوطا كبيرا في هذا المجال. أمر الله تعالى بالحرب. وقال لرسوله في آيات كريمة: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) (211) قال المفسرون: أذن - من جانب الله - للذين يقاتلهم المشركون وهم المؤمنون بسبب أنهم ظلموا - من جانب المشركين - وإن الله على نصرهم لقدير. ثم بين تعالى كونهم مظلومين. وهو أنهم أخرجوا من ديارهم وقد أخرجهم المشركون من

(211) سورة الحج، الآيتان: 39 - 40.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست