الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٨٠
قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) (215) قال المفسرون وجه تعالى الخطاب إلى الناس. وذلك لأن الحكومة الإسلامية حكومة إنسانية. يحفظ فيها حقوق كل فرد ويراعي فيها مصلحة الضعيف والقوي والغني والفقير والحر والعبد والرجل والمرأة والفرد والجماعة والبعض والكل على حد سواء. ولما كانت المنافع التي يهددها عدوهم هي منافع كل فرد. فعلى كل فرد أن يقوم بالذب عنها ويعد ما استطاع من قوة لحفظها من الضيعة. والإعداد وإن كان منه ما لا يقوم بأمره إلا الحكومات بما لها من الاستطاعة القوية والإمكانات البالغة. لكن منها ما يقوم بالأفراد بفرديتهم كتعلم العلوم الحربية والتدريب بفنونها. فالتكليف تكليف الجميع. وبالجملة فإن الإنفاق من أجل الإعداد فيه حفظ للمجتمع من العدو الذي يهدده في نفوسه وأعراضه وأمواله. والإنفاق والإعداد فيه حفظ للدين الذي به يعبد الله في أرضه. وكل فرد ينفق في سبيل الله مالا أو جاها أو أي نعمة يرجع إلى نفسه نفع ما أنفقه من نماء في الدنيا والآخرة إن الإسلام يدافع عن البشرية ويحافظ على التوازن لأن أي انحراف بشري هو في حقيقته انحراف عن دوران الكون. وأي انحراف ضد الكون يقابل إما بالطوفان وإما بالرياح وإما بالصيحة. ولله جنود السماوات والأرض. والإسلام كما طالب كل صغير وكبير بأن يعد ما في استطاعته لدحر أعداء الكون. وضع للجميع دستورا حربيا وفرض عليهم أن يتبعوه لأن النصر يتحقق به قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين * ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط) (216) قال المفسرون: أوجب الله على المؤمنين أمور ستة. وطالبهم برعيتها في الحروب الإسلامية عند لقاء العدو وهي: الثبات. وذكر الله كثيرا. وطاعة الله ورسوله. وعدم التنازع. وأن لا يخرجوا بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله. وقال صاحب الميزان:
ومجموع الأمور الستة دستورا حربيا جامع لا يفقد من مهام الدستورات الحربية .

(215) سورة الأنفال، الآية: 60.
(216) سورة الأنفال، الآيات: 45 - 47.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست