يتولى الصالحين * والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون) (202) قال المفسرون: أي قل لهم ادعوا شركاءكم لنصركم علي. ثم كيدوني فلا تنظروني ولا تمهلوني. إن ربي ينصرني ويدفع عني كيدكم. فإنه الذي نزل الكتاب ليهدي به الناس. وهو يتولى الصالحين من عباده فينصرهم.
وأنا من الصالحين فينصرني ولا محالة. وأما أربابكم الذين تدعون من دونه. فلا يستطيعون نصركم ولا نصر أنفسهم. ولا يسمعون ولا يبصرون فلا قدرة لهم ولا علم (203) وأمام هذا التحدي عجز طابور الانحراف في مكة على إحداث أي ضرر في الدعوة أو الداعية رغم محاولاتهم العديدة. يقول تعالى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (204) قال المفسرون: أذكر أو ليذكروا إذ يمكر بك الذين كفروا من قريش لإبطال دعوتك. أن يوقعوا بك أحد أمور ثلاثة: إما أن يحبسوك وإما أن يقتلوك وإما أن يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. والترديد في الآية بين الحبس والقتل والإخراج. بيانا لما كانوا يمكرونه من مكر يدل أنه كان بينهم شورى. تشاور فيها مع بعضهم بعضا في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وما كان يهمهم ويهتمون به من إطفاء نور دعوته (205).
لقد أرادوا أن تخرج هداية الله من بينهم. والله تعالى لا يريد أن تخرج هدايته إلا بعد أن تبلغ حجته عليهم مداها. فكان ما أراد الله ورد الله كيدهم في نحورهم. وبعد أن أقامت الدعوة حجتها عليهم أمر تعالى رسوله بالخروج من مكة مهاجرا هو والذين آمنوا معه.. ليقف الذين مكروا من قبل لإخراج الرسول على أرضية إخراج الرسل. تلك الأرضية التي ينال من يقف عليها عذاب الخزي في الحياة الدنيا والآخرة. يقول تعالى في الطابور الذي أخرج الرسول (وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم) (206)