شيئا. والمتأمل الدقيق في تفاصيل الوقائع في تاريخ الحروب الإسلامية الواقعة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كبدر وأحد والخندق وحنين وغير ذلك يوضح أن الأمر في الغلبة والهزيمة كان يدور مدار رعاية المسلمين مواد هذا الدستور الإلهي وعدم رعايتها والمراقبة لها والمساهلة فيها (217).
فأي حرب دفعت راية إسلامية ولم تلتزم في انطلاقها بقانون عدم الاعتداء ولم تأخذ بالأسباب لإعداد ما استطاعت من قوة ولم تلتزم بهذه الأمور الستة هي حرب للأهواء فيها نصيب كبير. ولا تصب نتائجها إلا في وعاء الفتنة والإسلام برئ من كل من ارتكب تحت لافتته الجرائم يريد بها الحياة الدنيا. وبرئ من كل اتهام اتهمه به طابور الانحراف الذي ليس عنده علم يرى. بل ظلمات بعضها فوق بعض. والإسلام كما أوضحنا لم يبدأ بقتال. فالقرآن الكريم في مكة أمر المسلمين بالكف عن القتال والصبر على كل أذى في سبيل الله سبحانه وتعالى.
ثم نزلت آيات القتال بعد أن خرجت طوابير الانحراف شاهرة أسلحتها. فمنها آيات القتال مع مشركي مكة ومن معهم (218) ومنها آيات القتال مع أهل الكتاب (219) ومنها آيات القتال مع المشركين عامة وهم غير أهل الكتاب (220).
و آيات القتال هي آيات الدفاع عن الفطرة. فالإسلام هو دين التوحيد بناه الله تعالى على أساس الفطرة. ومن أجل هذا فهو القيم على إصلاح الإنسانية فإقامة الإسلام والتحفظ عليه أهم حقوق الإنسانية المشروعة. لأنه وحده يمثل الدفاع عن حق الإنسانية في حياتها. فإذا كان في الشرك بالله هلاك الإنسانية وموت الفطرة. فكذلك كانت معارك الإسلام إعادة لحياة الإنسانية وإحيائها بعد الموات ولما كان الإسلام دينا عالميا لا بد أن تصل دعوته إلى بني الإنسان. ولأن العرب هم الطريق إلى العجم والعجم لا يؤمن حتى يؤمن العرب. ولأن العرب لا تؤمن حتى تؤمن قريش. كان لا بد من كسر شوكة قريش التي خرجت بها لتصد عن سبيل الله. و الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في جميع معاركه كان