الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٦٧
فاستحقوا إضلال الله لهم. و قال في الميزان: المراد بالقول الذي حق عليهم كلمة العذاب التي تكلم بها الله سبحانه في بدء الخلقة مخاطبا بها إبليس (فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن اتبعك منهم أجمعين) (167) والمراد بتبعية إبليس طاعته بما يأمر به بالوسوسة والتسويل بحيث تثبت الغواية وترسخ في النفس كما يشير إليه قوله تعالى خطابا لا بليس: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين * وإن جهنم لموعدهم أجمعين) (168) ولازمه الطغيان والاستكبار على الحق كما يشير إليه ما قاله تعالى من تساؤل المتبوعين والتابعين في النار (بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين) (169) وقوله: (ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين * قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) (170).
لازمه الانكباب على الدنيا والإعراض عن الآخرة بالمرة ورسوخ ذلك في نفوسهم قال تعالى: (ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وإن الله لا يهدي القوم الكافرين * أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) (171) فيطبع الله على قلوبهم. ومن آثاره أن لا سبيل لهم إلى الإيمان قال تعالى: (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) (172) بما تقدم ظهر أن الفاء في قوله: فهم لا يؤمنون) للتقريع لا للتعليل كما احتمله بعضهم (173) وقوله تعالى: (وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) قال المفسرون: أي قد ختم الله عليهم بالضلالة فما يفيد فيهم الانذار ولا يتأثرون

(167) سورة ص، الآيتان: 84 - 85.
(168) سورة الحجر، الآيتان: 42 - 43. (169) سورة الصافات، الآيات: 30 - 32.
(170) سورة الزمر، الآيتان: 71 - 72. (171) سورة النحل، الآيات: 106 - 108.
(172) سورة يونس، الآية: 96.
(173) الميزان: 64 / 17.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست