الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٧٩
ديارهم بمكة بغير حق يجوز لهم إخراجهم. ولم يخرجوهم بحمل وتسفير. بل آذوهم وبالغوا في إيذائهم وشددوا التعذيب والتفتين. حتى اضطروهم إلى الهجرة من مكة والتغرب عن الوطن وترك الديار والأموال. فقوم إلى الحبشة وآخرون إلى المدينة في هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فإخراجهم إياهم وألجؤهم إلى الخروج. ولقد أخرجوا بسبب أن يقولوا ربنا الله. وفي هذا إشارة إلى أن المشركين انحرفوا في فهمهم وألحدوا عن الحق. إلى حيث جعلوا قولة القائل ربنا الله. وهي كلمة الحق يبيح لهم أن يخرجوه من داره (212).
والحرب في الإسلام غيرها تحت أي راية أخرى ففي الإسلام الله هو الذي يأمر والله هو الذي يحدد الأهداف والله هو الذي ينصر من التزم بتعاليمه. أما الرايات الأخرى فالتاريخ يشهد أن القديم كان يحارب من أجل الأهواء والحديث يحارب من أجل الأهواء. أهواء الفرد أو القبيلة أو الحزب والجميع في خدمة أهواء بني إسرائيل الذين ينقبون في الطين عن ميراث مزعوم. والحرب في الإسلام تنطلق من قاعدة واحدة يقول تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) (213) قال المفسرون: كون القتال في سبيل الله. لأن الغرض منه إقامة الدين وإعلاء كلمة التوحيد. فهو عبادة يقصد بها وجه الله تعالى دون الاستيلاء على أموال الناس وأعراضهم. فالقتال في السلام دفاع يحفظ به حق الإنسانية المشروعة عند الفطرة السليمة وقوله تعالى: (ولا تعتدوا) الاعتداء هو الخروج عن الحد. والنهي عن الاعتداء، مطلق يراد به كل ما يصدق عليه أنه اعتدى. كالقتال قبل أن يدعى إلى الحق. والابتداء بالقتال. وقتل النساء والصبيان. وغير ذلك مما تبينه السنة النبوية (214) فحروب الإسلام لا اعتداء فيها. لأن الذين يقومون بها يقومون من أجل من الدفاع عن الفطرة. الفطرة لا تقبل الاعتداء ولأنهم يدافعون عن الفطرة طالبهم الله تعالى بأن يعدوا لأعدائهم الذين يريدون هدم الفطرة. ما استطاعوا ليرهبوا به عدو الله الذي هو عدوهم.

(212) الميزان: 384 / 14.
(213) سورة البقرة، الآية: 190.
(214) الميزان: 61 / 2.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست