الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٧٧
وسلم يهتم ببناء الفرد الذي هو أساس المجتمع فكان على صلة دائمة بالأفراد والقبائل يسألوه ويجيب ويبين لهم وأمور دينهم. وفي عالم المدينة لم تختلف الدعوة كثيرا عنها في مكة. لأن الأسس التي وضعها الإسلام لبناء الفرد والجماعة أسس واحدة تقبلها الفطرة في كل زمان ومكان. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم نادى في المدينة بما نادى به في مكة وحث على طاعة الله. وحفظ اللسان ومحاسبة النفس. وحث على التفكر. وحث على الصبر والقناعة والحياة وحسن الخلق والوفاء بالوعد. وحث على التواضع والتوبة والعفو. وحث على مخالفة الهوى وعلى الإقتصاد في جميع الأمور. ونهى عن الحسد وعن الكذب وعن الشماتة وعن الغرور ونهى عن الاستحقار وعن الحرص وعن العجب وحب الجاه والزور ونهى عن قتل النفس المحرمة وعقوق الوالدين وأكل مال اليتم ظلما ونهى عن قذف المرأة المحصنة وقطيعة الرحم. ونهى عن السحر والإضرار بالآخرين. ونهى عن الزنا واللواط السحاق ونهى عن السرقة وشرب الخمر وأكل الربا وأكل السحق وأكل لحم الميتة. ونهى عن البخس في المكيال وعن حبس الحقوق من غير عذر. ونهى عن ترك الصلاة المفروضة ومنع الزكاة الواجبة.
ونهى عن الاضلال عن سبيل الله والحكم بغير ما أنزل الله. ونهى عن النفاق والظلم إشاعة الفواحش. ونهى عن الغيبة والنميمة والاشتغال بالملاهي. ونهى عن الفتنة وعن التجسس على المسلمين ومحاربة المؤمنين وإيذائهم ونهى عن الرياء وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دون عذر.
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقدم للنفس الدواء الشافي لها من أمراض الانحراف وكان يرفع عن الفطرة الأحمال الغليظة التي وضعها معسكر الانحراف من خلال ثقافته وتربيته. وبعد أن خاطب النبي كل فرد في أعماق نفسه ودعاه إلى سعادة الحياة وطيب العيش تحت مظلة التوحيد. نادى عليه الصلاة والسلام بالوحدة واعتنى بأمر الاجتماع قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (209) وقال: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) (210) لقد اهتم الإسلام من يومه الأول بالاجتماع. وجعله موضوعا

(209) سورة آل عمران، الآية: 103.
(210) سورة النعام، الآية: 159.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست