يملكه من ضر ونفع. فالأمر لله سبحانه جميعا. واقتراحهم عليه بأن يعجل لهم القضاء والعذاب من الجهل. ثم يجيب عن سؤالهم عن أصل تعيين الوقت جوابا إجماليا. بالإعراض عن تعيين الوقت والإقبال عن ذكر ضرورة الوقوع. أما الأول: فإنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. وأمره الذي لا يتسلط عليه إلا هو.
وأما الثاني: أعني ذكر ضرورة الوقوع فقد بين ذلك. بالإشارة إلى حقيقة هي من النواميس العامة الجارية في الكون تنحل بها العقدة وتندفع بها الشبهة. وهي أن لكل أمة أجلا لا يتخطاهم ولا يتخطونه. فهو آتيهم لا محالة. وإذا آتاهم لم يخبط في وقوعه موقعة ولا ساعة. وهو قوله تعالى: (لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) أي وأنتم أمة من الأمم فلا محالة لكم أيضا أجل كمثلهم فإذا جاءكم لا تستأخرون ساعة ولا تستقدمون.
فإذا فقهوا هذا الكلام وتدبروه. ظهر لهم أن لكل أمة حياة اجتماعية وراء الحياة الفردية التي لكل واحد من أفرادها. ولحياتها من البقاء والعمر ما قضى به الله سبحانه لها. ولها من السعادة والشقاوة والتكليف والرشد والغي والثواب والعقاب نصيبها. وهي مما اعتنى بها التدبير الإلهي. نظير الفرد من الإنسان.
ويدلهم على ذلك ما يحدثهم به التاريخ. ويفصح عنه الآثار من ديارهم الخربة ومساكنهم الخالية. وقد قص عليهم القرآن أخبار بعضهم كقوم نوح وعاد قوم هود. وثمود قوم صالح. وكلدة قوم إبراهيم وأهل سدوم وسائر المؤتفكات قوم لوط والقبط قوم فرعون وغيرهم. فهؤلاء أمم منقرضة. سكنت أجراسهم.
وخمدت أنفاسهم. ولم ينقرضوا إلا بعذاب وهلاك. ولم يعذبوا إلا بعدما جاءتهم رسلهم بالبينات. ولم يأت قوما منهم رسوله إلا واختلفوا في الحق الذي جاءهم. فمنهم من آمن و منهم من كذب به وهم الأكثرون.
فهذا يدلهم على أن هذه الأمة. - وقد اختلفوا في الحق لما جاءهم - سيقضي الله بين رسوله وبينهم فيأخذهم بما أخذ به من خلت من قبلهم من الأمم وإن الله لبالمرصاد. وعلى الباحث المتدبر. أن يتنبه لأن الله سبحانه وإن بدأ في وعيده بالمشركين. غير أنه تعالى هدد في آياته المجرمين فتعلق الوعيد بهم.
ومن أهل القبلة مجرمون كغيرهم. فلينتظروا عذابا واصبا يفصل به الله بينهم وبين نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. ولينسوا ما يلقيه الشيطان في روعهم. أن أمتهم