الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٦٤
ثالثا: وجاءتهم كلمة العذاب: بعد أن بين لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقيقة الأمر وأنه لا يملك إلا ما يأذن فيه ربه أمره ربه جل وعلا أن يبلغهم أن الأمر بينه وبينهم إلى ربه يحكم فيه بما يشاء (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) قال المفسرون: لما احتج عليهم بما احتج. وبين لهم ما بين في أمر معجزة رسالته وهي القرآن الذي تحدى به وهم على عنادهم وجحودهم وعنتهم لا يعتنون به.
ويقترحون عليه بأمور جزافية أخرى. ولا يحترمون لحق ولا ينقطعون عن باطل.
أمر أن يرجع الأمر إلى شهادة الله. فهو شهيد بما وقع منه ومنهم. فقد بلغ ما أرسل به ودعا واحتج وأعذر. وقد سمعوا وتمت عليهم الحجة واستكبروا وعتوا والآية في معنى إعلام قطع المحاجة. وترك المخاصمة ورد الأمر إلى مالك الأمر فليقض ما هو قاض (153) (ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه) (154) قال المفسرون: إن الهداية لله تعالى لا يشاركه فيها أحد فمن هداه فهو المهتدي لا غير ومن أضله ولم يهده فلن تجد يا محمد له أولياء من دونه يهدونه. والله لا يهدي هؤلاء. فانقطع عنهم ولا تكلف نفسك في دعوتهم رجاء أن يؤمنوا (155).
لقد دخل أبناء الانحراف داخل عباءة آبائهم. لم يتبعوا النور الذي يهدي إلى صراط الله. واتبعوا طابور العمي الذي لا يهدي إلى الظلام والضلال.
كان النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم يتلو عليهم آيات ربه فما يزيدهم إلا نفورا. تحداهم بالقرآن وطالبهم أن يأتوا بمثله ولن يأتوا بمثله ولو كان الثقلان أعوانا لهم وأعضادا يمدونهم. لكنهم هربوا من أمام المعجزة وطالبوا بالأنهار والحدائق وغير ذلك هربوا من أمام المعجزة كما هرب آباؤهم من قبل. وعندما طالبوا بما طالب به الأوائل في طابور الانحراف تلى عليهم الرسول الأعظم قول ربه: (قل لا أقول لكن عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني

(153) الميزان: 208 / 15.
(154) سورة السراء، الآية: 97.
(155) الميزان: 209 / 15.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست