الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٦٩
مخالفة سبيل الرشد. واتباع سبيل الغي. بحيث لا يعذرون بخطأ ولا تحتمل في حقهم جهل أو اشتباه (180).
لقد جلس معسكر الانحراف في المكان الذي اختاره لنفسه. المكان الذي يكون فيه أضل من البهيمة. وذلك بعد أن صادر سمعه وبصره وفؤاده وألقى بنفسه في أحضان الشيطان يقول تعالى: (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) (181) قال المفسرون: وليست ولايتهم وتصرفهم في الإنسان إلا ولاية الفتنة والغرور. فإذا افتتن واغتر بهم تصرفوا بما شاؤوا وكما أرادوا (182) لقد دعاهم الرسول الأعظم إلى الطهر والنقاء وسعادة الدارين. ولكنهم تعاملوا مع الدعوة كتجار فاعتبروها سلعة كل منهم يحسب مكسبه منها في حالة الاقتراب أو الابتعاد عنها. وفي جميع الحالات يتحرك التجار وفقا لسنة الآباء القومية.
وفاتهم أن العقيدة لا تصلح للتجارة ولا تخضع لأكياس النقود.
2 - استعجال العذاب:
على أرض مكة تعالت أصوات طوابير الانحراف وأخذوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانهالت سياطهم وعصيهم على ظهور الضعفاء من الذين آمنوا. وتقدم سادة خيام الانحراف ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيهم بالعذاب إن كان من الصادقين. آخذين في ذلك بسنة آبائهم في قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأهل مدين. كانوا يستعجلون أي عذاب. سواء أكان عذاب في الدنيا أم عذاب الآخرة. يقول تعالى: (وإذا قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (183) قال المفسرون: أي أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب آخر غيره يكون أليما. وإنما أفرد إمطار الحجارة من بين أفراد العذاب الأليم بالذكر. لكون الرضخ بالحجارة مما يجتمع فيه عذاب الجسم بما فيه من تألم البدن وعذاب

(180) الميزان: 247 / 8.
(181) سورة الأعراف، الآية: 27.
(182) الميزان: 71 / 8.
(183) سورة الأنفال، الآية: 32.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست