الباطل. فهل فهم طابور الانحراف ما دعاهم إليه الإسلام؟ لقد قابلوا العلم بالجهل. وغاب عن طابور الانحراف عقله المميز. الحاكم في الحسن والقبيح والممدوح والمذموم. وانطلقوا نحو دوائر التحقير التي شرب منها سلفهم حتى ارتووا يقول تعالى: (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) وبعد أن عرض أبناء السلف مطالبهم قال تعالى لرسوله: (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا * وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا * قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا * قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) (149) قال المفسرون: قالت قريش: " لن نؤمن لك " يا محمد " حتى تفجر " وتشق " لنا من الأرض " من مكة لقلة مائها " ينبوعا " عينا لا ينضب ماؤها " أو تكون " بالإعجاز " لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار " أي تشقها وتجريها " خلالها " أي وسط تلك الجنة وأثناءها " تفجيرا " " أو تسقط السماء كما زعمت " أي مماثلا لما زعمت يشيرون به إلى قوله تعالى: (أو نسقط عليهم كسفا من السماء) (150) " علينا كسفا " وقطعا " أو تأتي بالله والملائكة قبيلا " مقابلا نعاينهم ونشاهدهم. أو يكون لك ببيت من زخرف وذهب " أو ترقى " وتصعد " في السماء ولن نؤمن لرقيك " وصعودك " حتى تنزل علينا " منها كتابا " نقرؤه " ونتلوه (151).
لقد أمسكوا بذيول السلف بكل قوة ورددوا مقولاتهم التي أرادوا بها التعجيز. (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) قال المفسرون: أمره الله تعالى أن يجيب عما اقترحوه عليه وينبههم على جهلهم مكابرتهم فيما لا