الشهوات الهائجة في بطنه. إلى ما يلائمها مما يرفع حاجته. وهذا هو الطيب والملاءمة الطبيعية.
وبناء حياة الإنسان السعيدة على طيبات الرزق غني عن البيان. فلا يسعد الإنسان في حياته من الرزق. إلا بما يلائم طباع قواه وأدواته التي جهز بها.
ويساعده على بقاء تركيبه الذي ركب به. وما جهز بشئ ولا ركب من جزء، إلا لحاجة له إليه، فلو تعدى في شئ مما يلائم فطرته إلى ما لا يلائمها طبعا.
اضطر إلى تتميم النقص الوارد عليه كالمنهوم الشره الذي يفرط في الأكل فيصيبه آفات الهضم. فيضطر إلى استعمال الأدوية المصلحة لجهاز الهضم. ولا يزال يستعمل ويفرط حتى يعتاد بها. فلا تؤثر فيه. فيصير إنسانا عليلا تشغله العلة عن عامة واجبات الحياة. وأهمها الفكر السالم الحر، والتعدي عن طيب الرزق يبدل الإنسان إلى شئ آخر. لا هو مخلوق لهذا العالم ولا هذا العالم مخلوق له.
وأي خير يرجى في إنسان يتوخى أن يعيش في ظرف غير ظرفه الذي أعده له الكون. ويسلك طريقا لم تهيئه له الفطرة. وينال غاية غير غايته. وهو أن يتوسع بالتمتع بكل ما تزينه له الشهوة والشره. ويصور له الخيال بآخر ما يقدر وأقصى ما يمكن.
والله تعالى يذكر في هذه الآية. أن هناك زينة أخرجها لعباده وأظهرها وبينها لهم من طريق الالهام الفطري ولا تلهم الفطرة إلا بشئ قامت حاجة الإنسان إليه. ولا دليل على إباحة عمل من الأعمال وسلوك طريق من الطرق أقوى من الحاجة إليه. بحسب الوجود والطبيعة الذي يدل على أن الله سبحانه. وهو الرابط بين الإنسان المحتاج وبين ما يحتاج إليه. بما أودع في نفسه من القوى والأدوات الباعثة له إليه. بحسب الخلقة والتكوين. والفطرة تقضي بالوسط العدل في الزينة وطيبات الرزق. لأن التعدي إلى أحد جانبي الافراط والتفريط.
فيه تهديد المجتمع الإنساني بالانحطاط. فما ظهر فساد في البر والبحر إلا عن إتراف الناس وإسرافهم في أمر الزينة أو الرزق (132). إن الاسراف فساد وقال تعالى في صدر الآية التي نحن بصددها: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا