ذلك تستقر عليهم الرحمة والمحبة والألفة، وترتكز فيهم القوة والشدة، وتهجرهم السخطة والعداوة والنفرة. وكل خصلة سيئة تؤدي إلى التفرق والتهلكة. وختم الله تعالى الآية بقوله: (يعظكم لعلكم تذكرون) أي تتذكرون. فتعلمون أن الذي يدعوكم إليه. فيه حياتكم وسعادتكم (129).
ثم أمر سبحانه بالوفاء بالعهد وعدم نقص اليمين بعد أن جعلوا الله عليهم كفيلا. لأن نقص اليمين إهانة وإرزاء بساحة العزة والكرامة. مضافا إلى ما في نقص اليمين والعهد معا من الانقطاع والانفصال عنه سبحانه بعد توكيد الاتصال.
ثم أمر سبحانه أن لا يتخذوا أيمانهم وسيلة للغدر والخدعة والخيانة. يطيبون بها نفوس الناس ثم يخونون ويخدعونهم بنقضها. لأن من يفعل ذلك تزل قدمه بعد الثبوت. ويذوق العذاب بما صد عن سبيل الله بإعراضه وامتناعه عن السنة الفطرية التي فطر الله الناس عليها. ودعت الدعوة النبوية إليها من التزام الصدق والاستقامة ورعاية العهود والمواثيق والإيمان والتجنب عن الدغل والخدعة والخيانة والكذب والزور والغرور فمعنى الآية: ولا تتخذوا أيمانكم وسيلة دخل بينكم حتى يؤديكم ذلك إلى الزوال عما ثبتم عليه ونقض ما أبرمتموه، وفيه إعراض عن سبيل الله الذي هو التزام الفطرة والتحرز عن الغدر والخدعة والخيانة وبالجملة الافساد في الأرض بعد إصلاحها ويؤديكم ذلك إلى أن تذوقوا السوء والشقاء في حياتكم ولكم عذاب عظيم في الآخرة (130) فمن هنا يبدأ المجتمع الصالح ولقد جهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بآيات الله التي تدعو لإقامة المجتمع. الصالح ولكن أبناء الانحراف كانوا يريدون كونا آخر يسير وفقا لأهوائهم. وراحوا يحللون ويحرمون وفقا لمقاييس فقهاء الجمود والصد. وعلى طريق الطمس رفعوا أصواتهم بأن الإسلام دين جمود لأنه لا يساير جماهيرهم وما جماهيرهم إلا جماهير الغدر والكذب والخيانة والفساد في الأرض. لقد حرم آباؤهم من قبل ما لم يحرمه الله فتلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن ردا عليهم وفي نفس الوقت كان رده لبنة من لبنات المجتمع الصالح قال له