الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٤٩
والشذوذ بالحجج البالغة فقط. وإنما قدمت الدعوة البديل لا قامة المجتمع الصالح. الذي يحيا فيه الإنسان الحياة اللاشريفة وينال سعادته الحقيقة.
والأساس الذي أقامه الإسلام لبناء هذا المجتمع يقوم على التوحيد. ولبنات هذا الصرح العظيم تتكون من الأخلاق الفاضلة. وذلك لأن المعارف الحقيقة والعلوم المفيدة لا تكون في متناول البشر إلا عندما يصلح أخلاقه. فالشريعة الإسلامية التي جاء بها النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم تنطلق بالأخلاق وبوقود التوحيد بصائر للناس يميزون بها أي الطرق يسلكونها لتؤدي بهم إلى الحياة الكريمة في الدنيا والآخرة. وفي مكة وفي الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينادي على معسكرات الانحراف بخلع ثياب الأهواء وإلقاء أعلام سلف الضلال. كان عليه الصلاة والسلام يتلو آيات البناء ومن هذه الآيات قوله تعالى:
" إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظم لعلكم تذكرون * وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون " إلى قوله تعالى: " ولا تتخذوا إيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم " (127) قال المفسرون: قوله تعالى:
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) بهذه الأحكام الثلاثة التي هي بالترتيب. أهم ما يقوم به صلب المجتمع الإنساني. لما أن صلاح المجتمع العام. أهم ما يبتغيه الإسلام في تعاليمه.
ولأن سعادة الفرد مبنية على صلاح الظرف الاجتماعي الذي يعيش هو فيه. وما أصعب أن يفلح فرد في مجتمع فاسد. أحاط به الشقاء من كل جانب. أهتم الإسلام في إصلاح المجتمع اهتماما لا يعادله فيه غيره. وبذل الجهد البالغ في جعل الدساتير والتعاليم الدينية حتى العبادات من الصلاة والحج والصوم اجتماعية ما أمكن فيها ذلك. كل ذلك ليستصلح الإنسان في نفسه ومن جهة ظرف حياته.
فقوله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) العدل هو المساواة في المكافأة. إن خيرا فخير. وإن شرا فشر. والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه (

(127) سورة النحل، الآيتان: 90 - 91.
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست