والتخمين. فإنهم احتجوا بها لإثبات أن شركهم وتحريمهم ما رزقهم الله.
بإمضاء من الله سبحانه. لا بأس في ذلك.
فحجتهم: أن الله لو شاء منا خلاف ما نحن عليه من الشرك والتحريم.
لكنا مضطرين على ترك الشرك والتحريم. فإذا لم يشأ كان ذلك إذنا في الشرك والتحريم فلا بأس بهذا الشرك والتحريم. كانت هذه حجتهم. وهذه الحجة لا تنتج هذه النتيجة. إنما تنتج أن الله سبحانه إذ لم يشأ منهم ذلك. لم يوقعهم موقع الاضطرار والإجبار وفهم مختارون في الشرك والكف عنه. والتحريم وتركه. فله تعالى أن يدعوهم إلى الإيمان به ورفض الافتراض. فلله الحجة البالغة ولا حجة لهم في ذلك. إلا اتباع الظن والتخمين.
وقوله تعالى: (قل فلله الحجة البلغة فلو شاء لهداكم أجمعين) كأن الفاء الأولى لتفريع مضمون الجملة على ما تقدم من قولهم: (لو شاء الله ما أشر كنا) إلخ والفاء الثانية للتعليل. فيكون الكلام من قبيل قلب الحجة على الخصم بعد بيان مقتضاها. والمعنى: أن نتيجة الحجة قد التبست عليكم بجهلكم واتباعكم الظن وخرصكم في المعارف الإلهية فحجتكم تدل على أن لا حجة لكم في دعوته إياكم إلى رفض الشرك. وترك الافتراء عليه. وأن الحجة إنما هي لله عليكم. فإنه لو شاء لهداكم أجمعين. أجبركم على الإيمان وترك الشرك والتحريم. وإذا لم يجبركم على ذلك. وأبقاكم على الاختيار. فله أن يدعوكم إلى ترك الشرك والتحريم. وبعبارة أخرى: يتفرغ على حجتكم. أن الحجة عليكم. لأنه لو شاء لأجبر على الإيمان. فهداكم أجمعين. ولم يفعل بل جعلكم مختارين. يجوز بذلك دعوتكم إلى ما دعاكم إليه (89).
وهكذا أخرج فقهاء الانحراف كل ما في جعبتهم لمواجهة الدعوة الإسلامية في مكة. أرادوا أن يحاصروا الدعوة فزجوا باسم الله في عمليات الصد عن سبيل الله. ولكن حجج الله كانت لهم بالمرصاد. وقلد دخل من باب القضاء والقدر العديد من حملة المعاول التي تهدم الفطرة. وكم مارس فقهاء الانحراف من عمليات التمييع التي نسجت في النهاية شباك التغييب حول الفطرة الأمر الذي أدى