الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٤٣
الحسنات بما أنها خيرات. بيده الخير لا يملكه غيره إلا بتمليكه. ولا ينسب إليه شئ من السيئات من حيث إنها سيئة غير مخلوقة وشأنه الخلق. وإنما السيئة فقدان الإنسان مثلا رحمة من لدنه تعالى أمسك عنها بما قدمت أيدي الناس (108) وهكذا أطاح الإسلام بالحجة الشيطانية التي أراد بها فقهاء الشيطان أن يتخذوا منها سندا شرعيا لإضلال أكثر الناس والسير بهم في طريق القهقري الذي يحمل أعلام الغايات الشيطانية.
ثانيا: هدم الأهواء الشيطانية:
بعد أن طرح فقهاء الشيطان فكر اللافكر وعلم اللاعلم من داخل باب القضاء والقدر والحسنة والسيئة. حاصروا الفطرة بعلوم الأهواء التي تتميز بأنها لا غاية لها ولا هدف إلا الصب في نهاية المطاف داخل الوعاء الشيطاني. والإسلام في مكة بعد أن قام بتصحيح النظر في الكون ودل الإنسان على الطريق المستقيم مبينا له أنه ليس حصاة ملقاة على قارعة الطريق تحركها الأقدام والرياح حيث تريد. خاطب رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الإنسان في أعماقه. كي يأخذ الإنسان بأسباب النجاة ويحطم الأصنام الراسخة في نفسه. لقد أخبرهم بأن اتباع الأهواء فيه تحقير منهم للكون وإذا كان الأقدمون قد حقروا وانتقصوا من الإنسان. فإن أبناءهم قاموا بتوسيع رقعة التحقير لتشمل الكون كله وذلك لأن اتباعهم للهوى يقتضي بأن يأتيهم الله بتشريع يلائم الأهواء وفي هذا مفسدة للتدبير السائد في الكون قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكر هم فهم عن ذكر هم معرضون " (109) قال المفسرون: إن الإنسان حقيقة كونية مرتبطة في وجودها بالكون العام. وله في نوعيته غاية هي سعادته. وقد خط له طريق إلى سعادته وكماله ينالها بطي الطريق المنصوب إليها نطير غيره من الأنواع الموجودة.
وقد جهزه الكون العام وخلقته الخاصة به من القوي والآلات بما يناسب سعادته والطريق المنصوب إليها. وهي الإعتقاد والعمل اللذان ينتهيان به إلى سعادته.

(108) الميزان: 15 / 5.
(109) سورة المؤمنون، الآية: 71.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست