الله. فالله أجل من أن يبدأك بشر وضر. والآية وإن كانت خصت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخطاب. لكن المعنى عام للجميع. وبعبارة أخرى. هذه الآية والآيتين الأخريين (ذلك بأن الله لم يك مغيرا) " الآية " (وما أصابكم من مصيبة) " الآية " متكفلة الخطاب الاجتماعي لتلفها للخطاب الفردي.
فإن للمجتمع الإنساني كينونة إنسانية وإرادة واختيارا غير ما للفرد من ذلك، فالمجتمع ذو كينونة يستهلك فيها الماضون والغابرون من أفراده. ويؤاخذ متأخر وهم بسيئات المتقدمين. وليس يصح ذلك في الفرد بحسب حكمه في نفسه أبدا. فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصيب في غزوة أحد في وجهه وثناياه. وأصيب المسلمون بما أصيبوا. هو صلى الله عليه وآله وسلم نبي معصوم إن أسند ما أصيب به إلى مجتمعه وقد خالفوا أمر الله ورسوله. كان ذلك مصيبة سيئة صابته بما كسبت أيدي مجتمعه وهو فيهم كموسى عليه السلام فقد أصاب بني إسرائيل عذاب التيه في الصحراء بما كسبت أيديهم كان موسى عليه السلام فيهم - وإن أسند إلى شخصه الشريف كان ذلك محنة إلهية أصابته في سبيل الله. وفي طريق دعوته الطاهرة إلى الله على بصيرة. فإنما هي نعمة رافعة الدرجات. وكذا كل ما ما أصاب قوما من السيئات إنما تستند إلى أعمالهم على ما يراه القرآن ولا يرى إلا الحق. وأن ما أصابهم من الحسنات فمن الله سبحانه...
والله تعالى يذكر في آياته، أن شيئا من خلقه لا يقدر على شئ مما يقصده من الغاية. ولا يهتدي إلى خير إلا بإقدار الله وهدايته قال تعالى: " الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى " (106) وقال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكي منكم من أحد أبدا " (107) ويتبين بهاتين الآيتين وما تقدم من معنى آخر.
لكون الحسنات لله عز اسمه. وهو أن الإنسان لا يملك حسنة إلا بتمليك من الله وإيصال منه. فالحسنات كلها لله والسيئات للإنسان. وبه يظهر معنى قوله تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) فلله سبحانه الحسنات بما أن كل حسن مخلوق له. والخلق والحسن لا ينفكان. وله