الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٤٠
تعالى: " يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين " (93):
" فلما زاغوا أراغ الله قلوبهم " (94) وقال: " كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب " (95).
إن معسكر الانحراف دخل من الباب الذي ترفضه الفطرة متاجرين بخلق أفعال العباد كي يحافظوا على شذوذ القديم ويعبرون به إلى المستقبل كي يزدحم طريق الطمس. وقيما سئل أبو الحسن عليه السلام عن أفعال العباد، أهي مخلوقة لله تعالى؟ فقال: لو كان خالقا لها لما تبرأ منها. وقد قال سبحانه: " إن الله برئ من المشركين " ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم. وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم (96) وقيل لأبي عبد الله هل فوض الله الأمر إلى العباد؟ قال: الله أكرم من أن يفوض إليهم. قيل: أأجبر الله العباد على أفعالهم؟ قال: الله أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثم يعذبه عليه (97) وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله. ومن زعم أن أخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه " (98) وروي عن الرضا (ع) أنه قال: " إن الله عز وجل لم يطع بإكراه. ولم يعص بغلبة. ولم يهمل العباد في ملكه. هو المالك لما ملكهم. والقادر على ما أقدرهم عليه.
فإن أمر العباد بطاعته. لم يكن الله منها صادا. ولا منها مانعا. وإن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل. وإن لم يحل فعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه ثم قال عليه السلام: من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه " (99).
وكما تاجر فقهاء الانحراف بقضية الإجبار تاجروا أيضا بلافتة الحسنة والسيئة. وحاولوا وضع رداء التمييع عليها كي تواصل القافلة مسيرها في ظلمة

(93) سورة البقرة، الآية: 26.
(94) سورة الصف، الآية: 5.
(95) سورة غافر، الآية: 34.
(96) الميزان: 101 / 1.
(97) الميزان: 103 / 1.
(98) الميزان: 103 / 1.
(99) الميزان: 99 / 1.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست