بالإعطاء والمنع والزيادة والنقيصة. ولولا نعم الله هذه ما وفقتم وفنيتم عن آخركم. (ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) من يخرج من الأمور غير المفيدة في باب. أمور مفيدة في ذلك الباب بالكينونة والتوالد.
كخلق الإنسان الحي والحيوان الحي والنبات الحي من التراب الميت وبالعكس. وكخروج الإنسان العاق الصالح من الإنسان الذي لا عقل له ولا صلاح وبالعكس وخروج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن. ومن يدبر الأمر في جميع خلقه؟ (فسيقولون الله) اعترافا بأنه الذي ينتهي إليه جميع هذه التدبيرات في الإنسان وغيره ولأن الوثنيين يعتقدون ذلك. أمر الله نبيه أن يوبخهم أولا على ترك تقوى الله بعبادة غيره مع ظهور الحجة. ثم يستنتج لهم من الحجة وجوب توحيده تعالى فقال: (فقل أفلا تتقون) ثم قال: (فذلكم الله ربكم الحق) وقد وصف الله بالحق ليكون توضيحا لمفاد الحجة وتوطئة وتمهيدا لقوله بعده: (فماذا بعد الحق الضلال) لأنه إذا كانت ربوبيته تعالى حقه. فإن الهدى في اتباعه وعبادته. لأن الهدى مع الحق لا غير. وعلى هذا فلا يبقى عند غيره. الذي هو الباطل إلا الضلال. ثم تمم الآية بقوله: (فأنى تصرفون) أي إلى متى تصرفون عن الحق الذي معه الهدى إلى الضلال الذي مع الباطل.
وقوله بعد ذلك: (كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون) الإشارة بقوله: (كذلك) إلى ما تحصل من الآية السابقة. أن المشركين صرفوا عن الحق. وفسقوا عنه فوقعوا في الضلال. إذ ليس بعد الحق إلا الضلال. ومعنى قوله: (كذلك حقت كلمة ربك) أن الكلمة الإلهية والقضاء الحتمي الذي قضى به في الفاسقين - وهو أنهم لا يؤمنون - هكذا حقت وثبتت في الخارج وأخذت مصداقها وهو أنهم صرفوا عن الحق فوقعوا في الضلال. أي إنا لم نقض عدم هدى الفاسقين وعدم إيمانهم ظلما ولا جزافا.
وإنما قضينا ذلك. لأنهم صرفوا عن الحق وفسقوا فوقعوا في الضلال ولا واسطة بينهما.
ثم أمر الله تعالى نبيه أن يقول: (قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده) لأن الذي بيده كل شئ ثم يعيده يستحق أن يعبده الناس. اتقاء من يوم لقائه. ليأمن من أليم عذابه. وينال عظيم ثوابه يوم القيامة. والله تعالى له ذلك