فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " (71) " أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا " (72).
3 - هدم انحراف بلادة الفكر والوجدان: طالب النبي صلى الله عليه وآله وسلم معسكر الانحراف بالنظر في الكون.
ليعلموا أن النظام القائم في الكون يدل على توحيد الله تعالى. فالتدبير السائد على جميع أنحائه متواصل. وجميع أجزائه مسخرة لنظام واحد. تلى عليه الصلاة والسلام عليهم في مكة قوله تعالى: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون * كذلك الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون * كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون * قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون * قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (73) قال المفسرون: قل لهم يا محمد من يرزقكم من السماء بالأمطار والثلوج ونحوه. ومن الأرض بإنباتها نباتا وتربيتها الحيوان ومنها يرتزق الإنسان. وبركة هذه النعم الإلهية يبقى النوع الإنساني. أمن يملك السمع والأبصار منكم فتتم بهما فائدة رزقكم حيث ترزقون بتشخيصهما من طيبات الرزق. فهو تعالى متصرفا في الحواس الإنسانية التي بها ينتظم للإنسان أنواع التمتع من الأرزاق المختلفة التي أذن الله تعالى أن يتمتع بها. فالإنسان إنما يشخص ويميز ما يريده. مما لا يريده بأعمال السمع والبصر واللمس والذوق والشم فيتحرك نحو ما يريده. ويتوقف أو يفر مما يكرهه بها. فالحواس هي التي تتم بها فائدة الرزق الإلهي. وإنما خص الله السمع والبصر من بينها بالذكر لظهور آثارهما في الأعمال الحيوية أكثر من غيرها. والله تعالى هو الذي يملكهما ويتصرف فيهما