الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٣٥
والرسالة الخاتمة قامت بتحطيم العجول بالحجة التي توقظ الفطرة وتغذي الفكر.
لقد أخبرهم القرآن في أكثر من موضع بأنهم كانوا وآباؤهم في ضلال مبين.
وأخبرهم أن آباء هم وأبناءهم لا يدرون أيهم أقرب لهم نفعا (81). وأن الإيمان الصادق بالله واليوم الآخر لا يجامع موادة أهل المحادة والمعاندة من الكفار ولو قارن أي سبب من أسباب المودة كالأبوة والبنوة والأخوة وسائر أقسام القرابة - فبين الإيمان وموادة أهل المحاداة تضاد لا يجتمعان لذلك (82).
ولكن الحلف السلفي ظل متمسكا بمنطق آبائه الذي لا يخدم إلا مخططات الشيطان من أجل هدم الإنسان. وكما أن تمسكهم بأعلام الآباء يخدم الشيطان. إلا أنه في الوقت ذاته يحقق لهم السير في الحياة وفقا لأهوائهم التي تستقيم مع معطيات كل عصر. فهم يعربدون لتغذية أهواءهم الحاضرة تحت مظلة سنة الآباء الماضية. وفي صدر الرسالة المحمدية حاول الانحراف السلفي أن يحاصر الرسالة بأدوات حاضرهم لحساب ماضيهم. فبدأوا بالتشكيك في الرسالة تارة والدخول من باب القضاء والقدر تارة أخرى.
ويخبر الله تعالى بأن فصائل الانحراف قد قالوا: (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبد من دونه من شئ نحن. لا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ) ثم صرف الله الخطاب عنهم لسقوط فهمهم وقال لنبيه: (كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين * ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (83) قال المفسرون: فكأنهم يقولون: لو كانت الرسالة حقة. وكان كما جاء به الرسل من النهي عن عبادة الأصنام والأوثان والنهي عن تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة وغيرها. نواهي لله سبحانه. كان الله سبحانه شاء أن لا نعبد شيئا غيره. وأن لا نحرم من دونه شيئا.
ولو شاء الله سبحانه أن لا نعبد غيره ولا نحرم شيئا. لم نعبد ولم نحرم. لاستحالة

(81) سورة النساء، الآية: 11.
(82) سورة المجادلة، الآية: 22.
(83) سورة النحل، الآيتان: 35 - 36.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست