الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٧٨
فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون) (61).
قال المفسرون: خسف به وبداره الأرض.. فما كان له جماعة يمنعونه العذاب، وما كان من الممتنعين على خلاف ما كان يظن أن الذي يجلب إليه الخير، ويدفع عنه الشر هو قوته وجمعه اللذان اكتسبهما بعلمه، فلم يقه جمعه وتقه قوته من دون الله، وبأن الله سبحانه هو الذي آتاه ما آتاه. فالفاء في قوله:
(فما كان) لتفريع الجملة على قوله: (فخسفنا به) أي فظهر بخسفنا به وبداره الأرض بطلان ما كان يدعيه لنفسه من الاستحقاق والاستغناء عن الله، وأن الذي يجلب إليه الخير، ويدفع عنه الشر هو قوته وجمعه وقد اكتسبهما بنبوغه العلمي (62).
واعترف الذين تمنوا مكانه ببطلان ما كان يزعمه قارون وهم يصدقونه بأن القوة والجمع في الدنيا بنبوغ الإنسان وعلمه وجودة تدبيره لا بفضل من الله سبحانه.. لقد عرفوا الحقيقة بعد مشهد وحركة. وعلموا أن سعة الرزق وضيقه بمشيئة من الله، وكان قارون علامة بارزة أمام بني إسرائيل لكن الكثرة عبروا عليها ولم يتبينوها، لأن في قلوبهم حب العجل!
2 - عبرة صاحب النبأ:
أبهم الله تعالى اسم صاحب النبأ، واختلف المفسرون في تعيين من هو في الآية الكريمة. وأقوى الروايات أنه يدعى (بلعم بن باعوراء)، وأن الله تعالى أعطاه الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجاب له (63) وروي أن موسى عليه السلام بعثه إلى ملك مدين يد عوه إلى الله فأعطاه الملك الأرض والمال فتبع بلعم بن باعوراء دينه (64). وروي غير ذلك. والخلاصة أنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه

(61) سورة القصص، الآيتان: 81 - 82.
(62) الميزان 76 / 16.
(63) الميزان: 337 / 8، ابن كثير: 265 / 2.
(64) ابن كثير: 264 / 2.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست