رخيص وكل سلاح وأحصوا الكلمات وتتبعوا المواليد خوفا من أن يخرج منهم من يؤرق مضاجعهم وحاصروا الشواطئ وتحول كل واحد فيهم إلى هامان جديد.
* - من معالم الخزي في الحي اليهودي:
عندما شاء الله أن يتقدم بني إسرائيل المسيرة البشرية وراء أنبيائهم في عالم يعج بعبادة غير الله، أقام الأنبياء الحجة الكاملة على البشرية، وفي نفس الوقت على القاعدة التي منها ينطلقون ألا وهم بنو إسرائيل. وإقامة الحجة هي العامود الفقري فإما أن يؤمن الناس أو لا يؤمنوا، فهذه قضية أخرى عامودها الفقري أن الله غني عن العالمين، فالله تعالى هو خالق الإنسان وبما أنه خالقه فهو سبحانه أعلم بما يصلحه، فبعث إليه الأنبياء والرسل بالإصلاح، فمن تقبل الدواء نال الشفاء ومن أبى إلا المرض عاش فيه وأصابه ما أصابه، فإن عاد بالتوبة قبله الله، وإن أصر على المعصية ففي الدنيا عذاب وفي الآخرة عذاب. ودين الله لا إجبار فيه والله غني عن العالمين، ولأن بني إسرائيل كانوا في المقدمة يوم أن فضلهم الله على العالمين، فإن الله تعالى جعل في بعضهم آيات تكون عبرة للقوم كي يستقيم المعوج وتواصل المقدمة المسيرة. ولكن تكون عبرة لمن يأتي بعدهم لينظر كيف تكون حركة التاريخ. ومن هذه الآيات بعد خروجهم من مصر: إهلاك السبعين وإحياؤهم، وانبجاس العيون من الحجر بضرب العصا، والتظليل بالغمام وإنزال المن والسلوى، ونتق الجبل فوقهم كأنه ظلة. وآية البقرة ومسخ بعضهم قردة خاسئين. وآيات كثيرة حدثت على امتداد رحلة تفضيلهم وهم وراء الأنبياء من بعد موسى عليه السلام، منها خروج قوم من أوطانهم هربا من الطاعون وكانوا أعدادا كثيرة، فأماتهم الله دهرا طويلا ثم بعثهم في وقت واحد، فهذه كلها آيات كان من المفروض أن تكون زادا لبني إسرائيل يمنعهم من الانحراف، لكن القوم تركوا وراء ظهورهم الآيات والعبر وعندما انتهت رحلة التفضيل، وانتقل الطريق والقافلة إلى غيرهم، جلسوا يجترون الذكريات ويعيشون في أوهام التفضيل وأعلامه. ونحن لن نسرد كل آيات العذاب التي ضربهم بها الله ليستقيم المعوج منهم، وإنما سنلقي الضوء على آيتين لما فيهما من عبر جامعة لم يلتفت إليها القوم. الأولى خاصة برجل آتاه الله الأموال وكانت عنده الكنوز والثانية لرجل آتاه الله العلم وأراه الآيات العليا. ولكن الرجلان جرت في دمائهما كل معالم