يعتدون) (51) قال المفسرون. أي وضعت عليهم الذلة والمسكنة. وألزموا بها شرعا وقدرا. أي لا يزالون مستذلين من وجد هم استذلهم وأهانهم (52). إن الذلة كانت علامة آبائهم الأوائل الذين جلسوا حول العجل، وعندما جاء الذين يسيرون على هدى الآباء، قتلوا الأنبياء، لأن الأنبياء لم يأتوا لهم بما يستقيم مع الذي في قلوبهم. ويقول تعالى عن الذين يحملون علامات الذل في موضع آخر:
(ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة) (53) قال المفسرون: إن الذلة مضروبة عليهم كضرب الخيمة على الإنسان أو كضرب السكة على الفلز فهم مكتوب عليهم أو مسلط عليهم الذلة إلا بحبل وسبب من الله. وحبل وسبب من الناس وقد كرر لفظ الحبل بإضافته إلى الله وإلى الناس لاختلاف المعنى بالإضافة، فإنه من الله القضاء والحكم تكوينا أو تشريعا، ومن الناس البناء والعمل. والمراد بضرب الذلة عليهم القضاء التشريعي بذلتهم والدليل على ذلك قوله. (أين ما ثقفوا) فإن ظاهر معناه أينما وجد هم المؤمنون أي تسلطوا عليهم، وهو إنما يناسب الذلة التشريعية التي من آثارها الجزية، فيؤول معنى الآية إلى أنهم أذلاء بحسب حكم الشرع الإسلامي. إلا أن يد خلوا تحت الذمة أو أمان من الناس بنحو من الأنحاء.
وقال بعض المفسرين. إن قوله: (ضربت عليهم الذلة) ليس في مقام تشريع الحكم. بل إخبار عما جرى عليه أمرهم بقضاء من الله وقدر. فإن الإسلام أدرك اليهود وهم يؤدون الجزية إلى المجوس، وبعض شعبهم كانوا تحت سلطة النصارى، وهذا المعنى لا بأس به (54).
لقد اتبعوا عجول الفراعنة فضربتهم الذلة بعد عجل سيناء، ولأنهم يعلمون أن مقامهم في الذلة يتحدد بدقة، إذا هيمن الدين الحق، لم يدخروا جهدا في وضع العراقيل أمام مشاعل النور للدين الحق. واشتروا بذهب العجول كل