الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٨٠
محمد صلى الله عليه وآله الذي يعرفونه من كتبهم كما يعرفون أبناءهم. فهذه الآية دعوة لهم كي يتبعوه كما أخبرتهم أنبياؤهم بذلك، فإن كتموا أو صدوا أو قالوا كما قال فرعون هذا سحر مبين.. كان الذل امتدادا لهم.. ذل في الدنيا موصول بذل الآخرة. يقول تعالى: (.. عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عند هم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين أمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) (66).
فذكره صلى الله عليه وسلم بهذه الأوصاف الثلاثة [الرسول النبي الأمي] تدل على أنه كان مذكورا في التوراة والإنجيل بهذه الأوصاف الثلاثة. فماذا فعل أتباع صاحب النبأ بهذه الأوصاف؟ لقد حرفوها. ولكن التحريف لم يجهز على الحقيقة أمام البحث والتدقيق (67). إن الحقيقة باقية لتكون حجة على أجيالهم في كل زمان. إن اتباع صاحب النبأ لم يحترموا العلم فجعلهم الله كمثل الحمار كما جعل صاحبهم من قبل كمثل الكلب. يقول تعالى: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين) (68) قال المفسرون: المراد بالذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها اليهود الذين أنزل الله التوراة على رسولهم موسى عليه السلام.
فعلمهم ما فيها من المعارف والشرائع. فتركوها ولم يعملوا بها. فحملوها ولم يحملوها. فضرب الله لهم مثل الحمار يحمل أسفارا وهؤلاء يعرف ما فيها من المعارف والحقائق. فلا يبقى له من حملها إلا التعب بحمل ثقلها!
* 3 - البعوث الدائمة والطمس الدائم:
لم يضرب عذاب الاستئصال شعب إسرائيل ضربة واحدة. كما ضرب من

(66) سورة الأعراف، الآيتان: 156 - 157.
(67) راجع بحوثنا عن المسيح الدجال.
(68) سورة الجمعة، الآية: 5.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست