الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٨٩
السامريون والعبرانيون يتعبد كل منهم في اتجاه قبلته الخاصة. وعندما سألت امرأة سامرية المسيح عن الصواب أجاب. بأنه سيأتي اليوم الذي لا يقدس فيه هذا الجبل ولا ذاك الجبل. ففي إنجيل يوحنا 4 / 19 - 24 (قالت له المرأة: يا سيد. أرى أنك نبي آباؤنا سجدوا في هذا الجبل. وأنتم تقولون إن في أورشاليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه. فقال لها يسوع: يا امرأة صدقيني إنه تأتي ساعة. لا في هذا الجبل ولا في أورشاليم تسجدون للرب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون. أما نحن فنسجد لما نعلم ". لقد كان المسيح يعلم بالتحريف.
وأخبرهم بالصواب وبأن يعملوا أعمال إبراهيم إن كانوا هم أبناء إبراهيم كما يدعون. لكنهم اعتمدوا ما عند هم وطالبوا عيسى بأن يأتي لهم بالأرض والميراث. الذي غرسه عزرا وتلاميذه. وقاد القوم فيما بعد إلى المسيح الدجال كما سنبين في حينه.
والقرآن الكريم أثبت تحريف اليهود للتوراة قال تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) (89) قال المفسرون: وذلك إما بتغيير مواضع الألفاظ بالتقديم والتأخير والإسقاط والزيادة، كما ينسب إلى التوراة الموجودة.
وإما بتفسير ما ورد عن الأنبياء بغير ما قصد منه من المعنى الحق كما أولوا ما ورد في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بشارات التوراة. ومن قبل أولوا ما ورد في المسيح ابن مريم عليه السلام من البشارة وقالوا: إن الموعود لم يجئ بعد وهم ينتظرون قدومه إلى اليوم. ومن الممكن أن يكون المراد بتحريف الكلم عن مواضعه استعمال القول بوضعه في غير المحل الذي ينبغي أن يوضع فيه (90).
والتحريف جاء بعد أن شق شعب إسرائيل طريقه في الضلال. لقد بد أوا بنبذ كتاب الله وراء ظهورهم. عندئذ فتحت عليهم أبواب الأهواء، فد خلوا منها.
وبالدخول أبعدوا من رحمة الله، ولكي يسيروا في دروب الأهواء تحت لافتة دينية، حرفوا الكلم عن مواضعه وفسروها بغير ما أريد بها. فأوجب ذلك أن نسوا حظا من الدين وهذا الحظ يرتحل بارتحاله عنهم كل خير وسعادة. وأفسد ذلك ما بقي بأيديهم من الدين، لأن الدين مجموع من معارف وأحكام مرتبط بعضها

(89) سورة النساء، الآية: 46.
(90) الميزان: 364 / 4.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست