قال تعالى: (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار) (44) وكان اتخاذ العجل خطوة أساسية في عالم الانحراف ما زالت باقية في عالم المادة. وعلى الرغم من أن العجل قام موسى عليه السلام بنسفه في اليم ولم يعد له وجوب إلا أن العجل قبل أن ينسفه موسى كان قد شربته القلوب! يقول تعالى: (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم) (45) قال المفسرون: الإشراب هو السقي، والمراد بالعجل: حب العجل، وضع موضعه للمبالغة كأنهم قد أشربوا نفس العجل (46)، لقد جريت ثقافته في الدماء، يبتلعها كل من وجد هواه فيها، ومن امتص قلبه الزخرف وقع تحت العقاب في أي زمان وفي أي مكان قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين) (47) قال المفسرون. أبهم الله تعالى ما سينالهم من غضبه وذلة الحياة. فلم يبين ما هما. رذيل الآية: (وكذلك نجزي المفترين) يدل على أن غضب الله وذلة الحياة الدنيا. سنة جارية إلهية في المفترين على الله (48)، ونائلة لكل من افترى بدعة، فإن ذل البدعة ومخالفة الرشاد متصلة من قلبه على كتفه. وإن ذل البدعة على أكتافهم وإن همجلت بهم البغلات وطقطقت بهم البراذين. وقد نبه تعالى عباده وأرشدهم أنه يقبل توبة عباده (49). فالتوبة إذا تحققت بحقيقة معناها في أي سيئة كانت. لم يمنع من قبولها مانع (50).
وعقاب الذلة الذي ضربه الله على الذين اتخذوا العجل. ظل علامة مميزة لهم على امتداد الزمان يحمله الذين جاؤوا على أهوائهم جيلا بعد جيل. يقول تعالى: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا