الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٨١
قبل عاد وثمود وغير هما. والحكمة من وراء هذا، أن لشعب إسرائيل قيادة من أنبياء بني إسرائيل، فالشعب باق ما دام لهم في علم الله قيادة منهم، ومقدمات عذاب الاستئصال تأتي مع رفضهم لآخر نبي في الشجرة الإسرائيلية، والله تعالى لا يستأصل قوما إلا بعد إنذار. وعلى هذا لا يأتي الاستئصال إلا بعد إنذارهم من الله على لسان الرسول الذي يأتي بعد آخر رسول من شجرة إسرائيل، ولما كان نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هو أول رسول يأتي من خارج الشجرة الإسرائيلية وخاتم النبيين. فقد جاءهم بالرحمة والإنذار، فلما رفضوا الرحمة شقوا طريقهم نحو عذاب الاستئصال. وقبل أن يشقوا هذا الطريق، تعرضوا لضربات عدة فرادى وجماعات، لعلهم يتذكرون ويلتفون حول رسلهم والصالحين منهم ولكنهم أبوا إلا الأخذ بذيول الانحراف!
1 - البعوث الدائمة:
كتب الله على شعب إسرائيل القتل والأسر والاضطهاد على أيدي الجيوش الجرارة التي جاءت إليهم من جهات عديدة، بعد أن ظلموا أنفسهم وسهروا من أجل الحفاظ على الانحراف والشذوذ! وبعد أن تقلصت دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتسعت دوائر السلبية والظلم والبغي بينهم. وعلى امتداد مسيرة بني إسرائيل كان فيهم الصالحين وغير ذلك. ولكن غير الصالحين كانوا دائما إلى الافساد في الأرض أسرع! وذلك لأن رقعة الانحراف كانت رقعة واحدة بينما كانت رقعة الصالحين تنقسم إلى قسمين: قسم ضعيف قليل العدد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والقسم الآخر يحتوي على كثرة لم ترتكب المعاصي ولكنها تركت الساحة للمفسدين كي يعربدوا فيها وينشروا ضلالتهم.
ونظرا لهذا التقسيم انتشر الفساد لسهر أعوانه عليه. وفي سنة الله تعالى إذا عمل قوم بالمعاصي ولم يغيره الناس أوشك الله أن يعمهم بعقاب، لأن ارتكاب المعاصي مد خل رئيسي لهدم أركان الدين. ومن عدل الله سبحانه أنه قبل أن يعم بني إسرائيل بالعذاب الشامل، وضع في بداية طريقهم حدثا كان يجب عليهم أن يحفروه في ذاكرتهم، ليعلموا أن الذي حدث في قرية صغيرة يمكن أن يضرب الأمة الكبيرة. يقول تعالى. (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست