(كونوا قردة خاسئين) أي ذليلين حقيرين مهانين. لقد كانت أحداث هذه القرية إشارة للمسيرة الإسرائيلية بأن العذاب الشامل على الأبواب إذا لم يأخذوا بأسباب النجاة. وأنهم إذا ركبوا المعاصي ولم تنههم الأحبار وغيرهم أخذتهم العقوبات. ولكن القوم توسعوا في الظلم. الظلم الذي يهدم. والظلم الذي يرى معالم الهدم ويعين على الهدم بصمته. وأمام هذا الاسراع الذي يسير في عكس اتجاه حركة الفطرة أصابهم العذاب الشامل. وكان رداء ملازما لهم على امتداد مسيرتهم. يقول تعالى: (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم) (73) قال المفسرون. (تأذن) بمعنى اعلم. والمعنى: واذكر إذ أعلم ربك أنه قد أقسم. ليبعثن على هؤلاء الظالمين بعثا يدوم عليهم ما دامت الدنيا من يذيقهم ويوليهم سوء العذاب. وأنه تعالى غفور للذنوب رحيم بعباده.. لكنه إذا قضى لبعض عباده بالعقاب. لاستيجابهم ذلك بطغيان وعتو ونحو ذلك. فسرعان ما يتبعهم إذ لا مانع يمنع عنه. ولا عائق يعوقه.
وقد نزل ببني إسرائيل نوازل كثيرة. منها ما جرى عليهم بيد (نبوخذ ناصر) عام 588 ق. م وكان من ملوك بابل وكان يحمي بني إسرائيل فعصوه وتمردوا عليه فسار إليهم بجيوش لا قبل لهم بها وحاصر بلا دهم ثم فتحها عنوة وخرب البلاد وهدم الهيكل وأحرق التوراة وأباد النفوس بالقتل العام. ولم يبق منهم إلا شرذمة قليلة فأسرهم وسيرهم معه إلى بابل. وبعد رحيل (نبوخذ ناصر) دخلوا تحت حماية ملك الفرس (كورش) الذي أذن لهم في الرجوع إلى الأرض المقدسة. وأعانهم على تعمير الهيكل.
وظل اليهود خاضعين لحكم الفرس حتى جاء الإسكندر الأكبر 323 ق. م واجتاح المنطقة، وبعد وفاة الإسكندر خضعت أورشاليم لبطليموس وكان واحدا من قواد الإسكندر الأكبر وكان يتولى حكم مصر. ثم اجتاح الرومان البلاد عام 63 ق. م بعد أن ضعفت أيدي الإغريق. وحدث نزاع شديد بين اليهود والرومان انتهى بخراب أورشاليم وهدم الهيكل عام 70 ميلادية على يد (تيطوس) الروماني. ثم حدثت مشادات بين اليهود والرومان. انتهت باستقلال