وهذا الزعم الذي ابتلى به كقارون أهلكه. إن قوله: (إنما أوتيته) من غير إسناد الإتياء إلى الله سبحانه كما في قول الناصحين له: (فيما آتاك الله) نوع إعراض عن ذكر الله، ولقد رد سبحانه مقولته فقال: (أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمين) (58) قال المفسرون: استفهام توبيخي وجواب عن قوله: (إنما أوتيته على علم عندي) أي إذا كان يرى أن الذي اقتنى به المال ويبقيه له هو علمه، فهو يعلم أنه كان فيمن قبله من القرون من هم أشد منه قوة وأكثر جمعا. فلو كانت قوتهم وجمعهم عن علم عند هم. فقد أهلكهم الله بجرمهم، فلو كان العلم هو الجامع للمال والحافظ لهم لنجاهم من الهلاك.. وجاء يوم الغب الذي يحمل عذابا غير مردود يقول تعالى. (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل، صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون) (59) قال المفسرون: (الذين يريدون الحياة الدنيا) أي يجعلونها الغاية المطلوبة في مساعيهم. ليس لهم وراءها غاية. فهم على جهل من الآخرة وما أعد الله لعباده فيها من الثواب قال تعالى: (فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم) (60) ولذلك عدوا ما أوتيه قارون من المال سعادة عظيمة له من دون قيد وشرط.
(وقال الذين أوتوا العلم..) أي المؤمنون أهل العلم بالله يخاطبون به أولئك الجهلة الذين تمنوا أن يؤتوا مثل ما أوتي قارون وعدوه سعادة عظيمة على الإطلاق. قالوا: إن ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا مما أوتي قارون فإذا كانوا مؤمنين صالحين فليتمنوا ثواب الله. (ولا يلقاها إلا الصابرون) أي وما يفهم هذا القول وهو قولهم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا إلا الصابرون..
وعلى مشهد من الجميع من أصحاب الدنيا وأصحاب العلم ابتلعت الأرض الطاغية المستكبر.. يقول تعالى: (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من