بينهم وأسروا النجوى) (115) ومعناه: أنهم تشاجروا فيما بينهم، فقائل يقول:
ليس هذا بكلام ساحر إنما هذا كلام نجي، وقائل يقول: بل هو ساحر (116) وانتهى أمرهم بأن قالوا: (إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى * فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى) (117) أي: قال السحرة فيما بينهم. تعلمون أن هذا الرجل وأخاه ساحران عالمان خبيران بصناعة السحر، يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس، وتتبعهما العامة، ويقاتلا فرعون وجنوده، فينصرا عليه ويخرجاكم من أرضكم (118) ثم أضافوا إلى ذلك أمرا آخر أشد من الخروج من الديار وهو ذهاب طريقتهم المثلى وسنتهم القومية، التي هي ملة الوثنية الحاكمة فيهم قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل! وقد اشتد بها عظمهم وثبت عليها لحمهم. والعامة تقدس السنن القومية، وعلى الأخص ما اعتادت عليه وظنت بأنها سنن ظاهرة سماوية (119) فقالوا: إذا غلب هذان. أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض وتفردا بالرئاسة كان في ذلك الفناء بالمرة لأنهما سيذهبان بسنة قومية تعتمد عليها ملتهم وتستند إليها شوكتهم وعظمتهم وتعتصم بها حياتهم. فلو اختلفوا وتركوا مقابلة موسى، واستعلى هو عليهم كان في ذلك الفناء المحقق، ثم كان الرأي هو أن يجمعوا كل كيد لهم، ثم يتركوا الاختلاف، ويأتوا صفا حتى يستعلوا (وقد أفلح اليوم من استعلى) (120) أي منا ومنه. فالفائز اليوم هو الفالح.
4 - التخيل والسحر:
اتفق السحرة على أن يتحدوا ولا يهنوا في حفظ ملتهم ومدينتهم ويكروا على عدوهم كرة رجل واحد، وجلس فرعون على سرير مملكته واصطف له أكابر